شاعر وقصيدة..عُدْ بي إلى حمص

الملحق الثقافي- علي حبيب:             

نسيب عريضة (1887 – 1946 م) شاعر وقاص سوري ولد في حمص، درس في دار المعلمين الروسية في الناصرة.
وهاجر إلى الولايات المتحدة الأميركية عام 1905م، حيث عمل محرراً في بعض الصحف العربية. أسس مطبعة وأصدر مجلة «الفنون» عام 1912م. كان أحد مؤسسي الرابطة القلمية في نيويورك عام 1920 م، وقد ضمت هذه الرابطة كثيراً من أدباء المهجر في أميركا الشمالية.. نشر عدة مقالات، وترجم عدة كتب عن الروسية.. يتميز شعره بالرقة والحنين للوطن، وقد جَمعهُ في ديوان «الأرواح الحائرة»، و توفي قبل أربعة أيام من صدوره.. له قصّتان: «الصمصامة» و«ديك الجن الحمصي».
يقول نسيب بن أسعد عريضة في قصيدته «أم الحجارة السود» واصفاً مدينته حمص: حمص العديّة، كلنا يهواك ِ يا كعبة الأبطال، إنّ ثراكِ غمدٌ لسيف الله، في مثواكِ وهي القصيدة الشهيرة التي يقول فيها: يا دهر قد طال البعاد عن الوطنْ هل عودة تُرجى وقد فات الظعنْ خذني إلى حمصٍ.

مختارات

عد بي إلى حمص

صُوَرٌ تَلوحُ لخاطرِ المَعمودِ
ما بينَ أرباضِ المُنى والبِيدِ
خَفَّاقةٌ فيها بُنودُ العِيدِ
بسَّامةٌ فيها ثُغورُ الغِيدِ
تَجلو رُؤى ماضي الهَوى المفقودِ
وَقفَ الفؤادُ أسيرَ بارِقِ نارِها
يَهفُو إلى ما لاحَ من أسرارِها
لِمَن الدِيارُ تَذوبُ من تَذكارِها
مِن بَعدِ طولِ نوىً وفَرطِ جُحودِ
يا مُوثَقاً من شَوقِهِ بقيودِ
يا قلبُ ما هذا الخُفوقُ وما ترى
في ما تَوهَّمَهُ الخَيالُ وصَوَّرا
تَبكي كأنَّك بعضُ أفئدةِ الوَرى
وظنَنت أنك صِرتَ صُلبَ العُودِ
أشَجَتك رُؤيا يا أخا الجُلمُودِ
رُفِعت لطَرفِك من مكانٍ قاصِ
تختالُ بين حَدائقٍ وعِراصِ
أعَرَفتَ يا قلبي عَروسَ العاصي
مَحبي أمانينا ومَحيا الجُودِ
وَنعيمَ راضٍ بالوُجودِ سعيدِ
أعَرَفتَها تلكَ الرُبوعَ العالية
ما بين لبنانٍ وبينَ البادية
الذكرَياتُ وقد بَرَزنَ عَلانِية
نادَينَ عنكَ بحَسرةِ المَطرودِ
يا حِمصُ يا بَلدي وأرضَ جدودي
جَثَمَت بكَلكَلِها على دَربِ الأمَم
جَبَّارةً من طَبعِها رَعيُ الذِمَم
بَلَدُ الهُدى أحجارُها سُودٌ نَعَم
لِلّه دَرُّ سَوادِكِ المَعبودِ
يا حِمصُ يا أمَّ الحجارِ السُودِ
أنسيمُ وَعرِك ما سَمِعتُ مهَينما
أم رُوحُ ديكِ الجِنِّ من خَلفِ الحِمى
أم شيخُنا الجُنديُّ حَنَّ ورَنَّما
مُتَغَزِّلاً بِمَعاطِفٍ وقُدودِ
بَيضاءَ في ظِلِّ الحِجار السودِ
ماذا يُكابدُ في النَوى ويُقاسي
صبّ يَحِنُّ إلى حِمى المِيماسِ
والى الدُوَيرِ إلى رُبوعِ الكاسِ
وكِناسِها وغَزالها الأملودِ
وإلى مَغاني نَعمةٍ وسُعودِ
حِمصُ العَديَّةُ كُلُّنا يَهواكِ
يا كَعبةَ الأبطالِ إِنَّ ثَراكِ
غِمدٌ لسيفِ اللَه في مَثواكِ
ولكَم لنا من خَشعةٍ وسُجودِ
في هَيكلِ النَجوى ومن تَمجِيدِ
يا جارةَ العاصي لدَيكِ السُؤدُدُ
لبنانُ دونَكِ ساجدٌ مُتعبِّدُ
هو عاشقٌ من دَمِهِ لكِ مَورِدُ
وارَحمَتا لِمُتَيَّمٍ مَصفودِ
يَسقِي الهوى من قلبه الجُلمودِ
عاصِيك كَوثَرُنا لنا في وِردِهِ
طَعمُ الخُلودِ ونَكهةٌ من شَهدِه
هيهاتِ يوماً نَرتوي في بَعدِهِ
وَنَبُلُّ حُرقةَ أضلُعٍ وكبودِ
إلا بسَلسَلِ مائِهِ المَفقود
حادي العِطاشِ إلى مَواردِ ماءِ
نفسي لقد ظَمِئَت فأينَ رَوائي
عَلَّلتُها بعدَ النَوى بلِقاءِ
والدَهرُ يأبى أن أفِي بعُهودي
أوَ لم يَئِن أن تَستقِرَّ جُهودي
يا دهرُ قد طالَ البُعادُ عن الوطن
هل عَودةٌ تُرجى وقد فات الظَعَن
عُد بي إلى حِمصٍ ولو حَشوَ الكَفَن
واهتِف أتيتُ بعاثِرٍ مَردودِ
واجعَل ضريحي من حِجارٍ سُودِ
يا جارَة العاصي إليك قد انتهى
أمَلي وانتِ المُبتَغى والمُشتَهى
قلبي يَرى فيك المَحاسِنَ كلَّها
وعلى هَواكِ يَدِينُ بالتَوحيدِ
يا حِمصُ يا أُمَّ الحِجارِ السُودِ

لاحت قصورُ الخَيالِ

لاحت قصورُ الخَيالِ
تَعلو متونَ الغَمام
يا أختَ روحي تعالي
أطلتِ فيها المُقام
يا اختَ روحي اسمعيني
من أوج تلك السماء
قد كاد يقضي يقيني
هلا أجبتِ النِداء
أراكِ لا تعرِفيني
أزالَ عني البَهاء
أجل تغير كُنهي
مُذ جِئتُ أرضُ الشَقاء
بُدِّلتُ فيها جَلالي
بحُلَّةٍ من عِظام
يا أختَ روخي تَعالي
قد أضجَرَتني الأنام
أرنو بليلٍ كئِيبٍ
وطرفُ جسمي كليل
أُصغي تُرى من مُجيبِ
أو من خَيالٍ جَميل
يلوحُ رجعُ سَناهُ
في طَيّ غَيمٍ ثَقِيل
وكيف والجوُّ قفرٌ
يحارُ فيه الدلِيل
يا ويحَ هذي الليالي
أضحت لطَرفي لِثام
يا أختَ روحي تعالي
فالناس صَرعى نِيام
الناسُ من هم جُسومٌ
ضاعت بهنَّ النفوس
إن يرقُدوا فنعيمٌ
رُقادهم في البُؤوس
واحسرتا أنا منهم
ما دام جِسمي اللَّبوس
ناموا ونَفسيَ يَقظى
تَهذي بذِكر الشُّموس
تَرجو انتهاءَ اعتقالي
لكي تَقُضَّ الخِيام
يا أختَ روحي تعالي
تُلقي اليكِ الخِطام
كانت لها الشُّهبُ عَرشا
وكنتما في اقتراب
فأهبِطت فهي تَخشى
وتنزوي في الحِجاب
تظَلُّ غَرثى وعَطشى
لِقُوتِها والشَّراب
تَقتاتُ بالصَّومِ حيناً
وترتوي بالسَّراب
عافت ثُدِيَّ المُحالِ
يَنِزُّ منها الأوام
يا أختَ روحي تعالي
قد حان عهدُ الفِطام
يا أختَ روحي الحَزينة
إلى متى ذا الصُّدود
أو أنتِ مثلي سجينة
قد أثقَلَتكِ القُيود
مرِضتِ في الأرضِ يأساً
ولا صديقٌ يعود
يا أختَ روحيَ صبراً
فالمُلتقى في الخُلود
لاحت قصورُ الخَيالِ
كوَمضةٍ في الظَّلام
أكلُّهنَّ خَوالي
ما مَن يرُدُّ السَّلام

         

العدد 1150 –  4-7-2023    

آخر الأخبار
دخول قافلة مساعدات جديدة إلى السويداء خالد أبو دي  لـ " الثورة ": 10 ساعات وصل كهرباء.. لكن بأسعار جديدة  "النفط" : أداء تصاعدي بعد تشغيل خطوط متوقفة منذ عقود.. وتصدير النفتا المهدرجة الذهب يرتفع 10 آلاف ليرة سورية وانخفاض جزئي لسعر الصرف في مرمى الوعي الاجتماعي.. الأمن العام ضمانة الأمان  1816 جلسة غسيل كلية في مستشفى الجولان الوطني إيطاليا تقدم 3 ملايين يورو لدعم الاستجابة الصحية في سوريا وزير الطاقة :٣,٤ملايين م٣ يوميا من الغاز الأذري لسوريا دمج سوريا في المجتمع الدولي مسؤولية جماعية واستحقاق استراتيجي    Media line  زيارة الشيباني إلى موسكو.. اختبار لنوايا روسيا أم إعادة صياغة لتحالف قديم الغاز الأذربيجاني إلى سوريا.. خبيرة تنموية لـ"الثورة": تأثيرات اقتصادية على المدى المتوسط    د.يحيى السيد عمر لـ"الثورة": الطريق طويل لشراكة اقتصادية مع روسيا استخدمه بحذر... ChatGPT ليس سريا كما تظن  تركيب محولة كهرباء جديدة في كفير الزيت بوادي بردى بين الحقيقة والتزييف..الأمن العام السوري صمّام أمان الدولة الهوية لا تعرف الحدود... والدولة ترسّخها بالرعاية والمسؤولية  أهالٍ من نوى يؤكدون على الوحدة الوطنية ودعم الجيش والقيادة من مظاهرات الثورة السورية في باريس.. الدكتورة هنادي قوقو "الثائرة الرقيقة" الدفاع المدني يحمّل فصائل السويداء مسؤولية اختطاف حمزة العمارين: العمل الإنساني ليس هدفاً مشاعاً مظلوم عبدي: اتفاقنا مع دمشق خطوة محورية نحو الاستقرار وبناء جيش وطني جامع