الثورة – فاتن دعبول:
عناوين عديدة تدور جميعها حول الليبرالية الحديثة وسبل مواجهتها ودور المؤسسات الحكومية في التصدي لها، كانت محور اللقاء المفتوح الذي أقامته جمعية البحوث والدراسات في اتحاد الكتاب العرب، والتي استضافت د. مهدي دخل الله رئيس مكتب الإعداد والثقافة والإعلام المركزي للوقوف عند أهم مخاطر الليبرالية الحديثة والاستراتيجية التي يجب أن تقوم على مواجهتها من أجل حماية المجتمع من تبعات هذه الموجة التي تسعى لاختراق المجتمعات وغزوها وتفكيكها.
وأدار الحوار د. إبراهيم سعيد مقرر جمعية البحوث والدراسات.
وبين د. مهدي دخل الله أن موضوع الليبرالية الحديثة كانت ضمن أولويات السيد الرئيس بشار الأسد وقد وصفها وفي أكثر من لقاء بالخطر الأكبر” العدو الحقيقي لنا اليوم هو الليبرالية الحديثة”، وحث على مواجهتها وحماية المجتمعات من الأفكار التي تطرحها، وهذا ما أثار اهتمامه في متابعة تطور ونشأة الليبرالية الحديثة.
وفي بداية اللقاء عرض د. دخل الله لتاريخ نشوء الليبرالية التي تعني الحرية، والتي بدأت بشعار” دعه يعمل، دعه يمر” مع ظهور الرأسمالية وخصوصا بالولايات المتحدة الأمريكية.
وتختلف الليبرالية التقليدية عن الليبرالية الحديثة، ولكن المفهومين يتعلقان في جميع مناحي المجتمع” الاقتصادية، السياسية والاجتماعية”
ولكن في العودة إلى الليبرالية الكلاسيكية نرى أنها تصر على تماسك الأسرة وترسيخ القيم والأخلاق، وتؤكد على التعاضد الاجتماعي في المجتمع، وأن يكون للتوازن في المجتمع قواعد وقوانين وهي قوانين القيم والأخلاق، بينما تركز في الآن نفسه على الاقتصاد الحر الذي يؤدي إلى خلق مشاكل في السوق وتخريب التوازن الطبقي الاجتماعي وانهيار المجتمع اقتصاديا
بينما يؤمن الليبراليون الحديثون بتدخل الدولة في الاقتصاد لإعادة توازن السوق، ولكنهم في الآن نفسه يؤمنون بالرعاية الاجتماعية وتعزيز دور الحكومة في الحد من عدم المساواة وتأمين الحد الأدنى من التعليم والرعاية الصحية وحماية البيئة من أجل خلق الفرد الحر الذي يرسم أخلاقه وقيمه بما يحلو له” دس السم في الدسم”.
ولكن على المستوى السياسي فالليبرالية الحديثة لا تؤمن بالأمة والقومية لأنها في بداية الأمر لا تؤمن بالأخلاق والقيم والدين، وعليه فهي تلغي القومية وتلغي مفهوم الأمة.
وفي التفاصيل يوضح د. دخل الله كيف يرى السيد الرئيس أهداف الليبرالية التي تشكل العدو الأساسي للمجتمعات، فيقول:
إن تيار الليبرالية الجديدة هو الذي يقوم بالهجوم على المجتمع، وهو تيار فكري وسياسي، يريد تغيير المجتمع نحو الأسوأ، ومن أهدافه السيطرة على الإنسان والمجتمعات عبر رفض إنسانية الإنسان وتكريس سياسة الغريزة.
ومن أدوات الليبرالية الحديثة، تسويق الانحلال الأخلاقي والتشجيع عليه، وفصل الإنسان عن المبادئ والقيم والانتماءات عبر ترويج الزواج المثلي، واختيار دين غير دين الأسرة بحجة حرية الإنسان.
هذا إلى جانب الترويج للمخدرات والانتحار وتأكيد مرجعية الفرد ورغباته وضرب المرجعية الجماعية، وبالتالي انسلاخ الفرد عن مجتمعه ووطنه وأسرته ونبذ العقائد.
أما كيف يمكن أن نواجه الليبرالية الجديدة، فيقول:
لابد من استراتيجية منهجية تعزز البنية الاجتماعية المناهضة لهذه الأفكار عن طريق الدين والتربية الأسرية وتكريس القيم والأخلاق، لإعادة ربط الطفل بأسرته والقيم التي تتمسك بها.
هذا إلى جانب إعادة التفكير بالمقاصد الدينية التي يجب أن تحث على حماية المجتمع وتكريس القيم والمبادىء والأخلاق.
استراتيجية جديدة
وأكد الدكتور محمد الحوراني رئيس اتحاد الكتاب العرب على أن الليبرالية تسعى لاختراق المجتمعات الإنسانية واختراق القيم والأخلاق، وهي في مضمونها تعني” الحرية اللا منضبطة” ومن شأنها أن تهدم المجتمع وتقوض دعائمه لتسهل قيادتها ومن ثم تجعلها لقمة سائغة للمستعمر.
وبين بدوره أن الاتحاد يعمل في استراتيجية جديدة لمواجهة هذه الموجة الخطرة، من أجل تكريس هذه القيم وجعلها حاضرة في كل ما يكتب من دراسات وبحوث وفي الأجناس الأدبية كافة وخصوصا في النتاجات الموجهة للأطفال والشباب، وتم تكليف أعضاء جمعية البحوث والدراسات بتقديم دراسات حول الليبرالية الحديثة ومخاطرها وسبل مواجهتها، فهذا هو دور المثقف ودور الاتحاد في التصدي لكل ما من شأنه أن يمس أمن مجتمعاتنا وثقافتها وقيمها.
وانتهت الندوة الحوارية بمشاركة العديد بمداخلات شكلت قيمة مضافة بما طرحته من اقتراحات وأفكار تساهم في التصدي لانتشار الليبرالية الحديثة في المجتمع، ولتحصين أبنائنا وحمايتهم من ثقافات هدامة.