ثورة أون لاين- د. خلف علي المفتاح: لم تكن خطة كوفي عنان المقترحة لحل الأزمة في سورية الخيار المفضل للمعارضة الخارجية والقوى الدولية والإقليمية التي تدعمها وتحتضنها وتوظفها لتكون الغطاء والمظلة لاستهداف سورية لأنها جاءت حاصلاً سياسياً لتوازن القوى الدولية والإقليمية المرتكز إلى تمكن السلطة الوطنية السورية من الإمساك بخيوط الأزمة وبقائها اللاعب الأساسي في ضبط مساراتها في الداخل وامتلاكها القرار النهائي بمواجهة أي تحرك أو مبادرة تستهدف إيجاد مخارج أو اجتراح حلول لها، لذلك كله سعت تلك القوى جاهدة لعرقلة الخطة والسعي لإفشالها وتحميل السلطة السورية تبعة ذلك وسعياً للوصول لهدفها أطلقت تلك القوى وعبر لعبة تبادل أدوار موجة من التشكيك حول رغبة الحكومة السورية في تطبيق بنود الخطة بالتركيز على موضوع سحب الجيش من المدن وأن تبادر إلى وقف استعمال القوة بمواجهة المجموعات المسلحة التي تعبث بالأمن والاستقرار متناسية أن بنود الخطة تتضمن أساساً وقف العنف من كل أطراف النزاع ما يعني أن تقوم تلك المجموعات المسلحة ومن يدعمها بإلقاء سلاحها اللاشرعي ووقف تزويدها بأي شكل من أشكال الدعم العسكري أو الإمداد اللوجستي وهو ما لم يتم التقيد به لا بل إن منسوب العنف قد ارتفع وازدادت وتيرته مترافقا مع قصف سياسي مركز على دمشق وارتفاع نبرة التهديد بمزيد من الضغط والسعي للتدخل العسكري وهو ما يتناقض تماما مع روح ومضمون خطة عنان التي تستلزم أولاً توافر مناخات إيجابية وحسن نيات عند التعاطي مع مندرجاتها والواضح أن الهدف من وراء حملة التصعيد تلك هو إبقاء مهمة عنان تتحرك في مربعها الأول وهو وقف العنف حتى لا يتم الانتقال إلى الجوهري فيها وهو دخول الاطراف في عملية سياسية تشكل مخرجاً سياسياً وآمناً من الأزمة وهو ما لا ترغبه قوى المعارضة الخارجية ومن يقف معها لأن هدفها الأساسي يتمثل في السعي لإسقاط النظام السياسي والوصول إلى السلطة بالقوة العسكرية مستحضرة النموذجين العراقي والليبي.
لقد كان حرياً بكوفي عنان الممثل الأممي وهو الذي يفترض حرصه على النجاح في مهمته أن يطلب من كل الأطراف الداخلة في الأزمة الدخول في عملية سياسية بالتوازي مع السعي لوقف العنف فهو بهذه العملية يستطيع أن يستكشف ويتعرف عن كثب على طبيعة القوى وحقيقة ومصداقية مواقفها في إنجاح خطته ووصولها إلى أهدافها انطلاقا من فرضية أن أي فصيل لا ينخرط في الحوار السياسي هو الذي يمارس أعمال العنف ويساهم في استمرار نزيف الدم وعليه أن يتحمل مسؤولية ذلك هو ومن يدعمه ويقف إلى جانبه.
إن ارتفاع منسوب العنف وخاصة التفجيرات الإرهابية جاء مترافقاً مع زيادة عدد المراقبين ولا شك أن ثمة رسالة سياسية يراد إيصالها من قبل تلك القوى المتضررة من نجاح خطته مؤداها أن وجود المراقبين الدوليين ليس الحل لوقف نزيف الدم ولا بد لتحقيق ذلك من تدخل دولي وهو بلا شك الهدف الاستراتيجي للمعارضة الخارجية ومن يدعمها من قوى إقليمية ودولية وما دام هذا الهدف يصطدم برفض من قوى وازنة في المنطقة والعالم فلربما اتبعت القوى الخارجية وظهيرها من المعارضة أسلوباً آخر لاستدراج تدخل خارجي على مراحل تحت عنوان مساعدة لجنة المراقبين على تحقيق أهدافها وحمايتها والحفاظ على حياة أفرادها ولعل وصول بعض المعدات والآليات هو الإرهاصات الأولى لذلك وهو باعتقادنا ما تضعه الجهات المعنية السورية المكلفة بتنفيذ مضامين البروتوكول ومراقبة بنوده تحت المجهر حتى لا يكون وجود المواقبين الدوليين بمثابة المخدر الذي يسبق الحقنة السامة؟
khalaf.almuftah@gmail.com