التطرف في خدمة السياسات العدوانية

فجأة ومن دون مقدمات ضجت وسائل التواصل الاجتماعي ولا تزال بأخبار وفيديوهات عن قيام بعض المتطرفين في عدد من الدول الأوروبية بحرق الكتب السماوية تحت شعار حرية الرأي والانتقاد، الأمر الذي أثار غضب العالم من جميع الأديان وخاصة على حكومتي السويد والدنمارك اللتين سمحتا لبعض المتطرفين بحرق القرآن الكريم.
تزامنت هذه الضجة مع قيام الولايات المتحدة الأميركية بتزويد الجيش الأوكراني بشحنة كبيرة من القنابل العنقودية المحرمة دولياً والتي استخدمتها القوات الأوكرانية ضد المدنيين والإعلاميين الذين ينقلون الحقيقة من الميدان.
بالتحليل المنطقي هذا التزامن بين حدثين متباعدين من حيث الشكل والتعبير ولكنهما يؤديان إلى النتيجة نفسها ليس عبثياً أو بالمصادفة بل كان عملاً مخططاً، ويهدف في الأساس إلى التغطية على قيام واشنطن بتزويد كييف بالقنابل العنقودية.
في العلم العسكري تلجأ الجيوش والدول الخاسرة في الميدان أو التي تريد إذعان الدول الأخرى لقراراتها إلى استخدام الأسلحة الفتاكة أو المحرمة دولياً، وهو ما أقدمت عليه الولايات المتحدة الأميركية في الحرب العالمية الثانية بقصفها مدينتي هيروشيما وناكازاكي بالقنابل النووية لإجبار اليابان على تنفيذ إعلان مؤتمر بوتسدام والاستسلام كاملاً من دون أي شروط.
في الحالة الأوكرانية يدرك الجميع أن لجوء واشنطن إلى تزويد كييف بالقنابل العنقودية يعود إلى فشل الهجوم الأوكراني المضاد وبالتالي فشل حلف شمال الأطلسي الذي يقود المعركة من الخلف الذي قام بتزويد أوكرانيا بالمساعدات العسكرية الكبيرة والتي بلغت قيمتها نحو 200 مليار دولار حتى نهاية شهر أيار المنصرم وفقاً لتقارير عسكرية أوروبية وأميركية.
من المعلوم أن الاستخبارات الأميركية على صلة وتأثير بوسائل التواصل الاجتماعي كذراع ضاربة في الحرب الناعمة وأكبر دليل على ذلك ما يثار في الكونغرس الأميركي حول دور هذه الوسائل خلال فترة تفشي فيروس كورونا ورفض أي محتوى يتعارض مع التوجيهات التي وضعتها الجهات الصحية في الدول الغربية والتي تصب في نهاية المطاف بخدمة شركات صناعة الأدوية العالمية.
ولا يخفى على أحد توظيف الولايات المتحدة لتنظيم القاعدة في أفغانستان ضد القوات الروسية وفي الحرب الإرهابية على سورية وفي ليبيا وفي مناطق عديدة من العالم، وتقوم الاستخبارات الأميركية توظيف المتطرفين بشتى إشكالهم وانتماءاتهم لتحقيق سياساتها أو تنفيذ سياساتها على أرض الواقع والتزامن الدقيق بين حملة المتطرفين لحرق الكتب السماوية وبين تقديم واشنطن الأسلحة المحرمة دولياً إلى النازيين الجدد في أوكرانيا ليس من قبيل المصادفة ويحمل بصمات الجهات التي تدير شركات مواقع التواصل الاجتماعي والتي بمعصمها في الولايات المتحدة الأميركية.
إن اللافت أيضاً كان في تضامن وسائل الإعلام التقليدية الغربية مع حملة المتطرفين ضد الكتب السماوية، وهذا يؤكد حقيقة أن العملية منسقة من جهات سياسية وإعلامية والغاية هو تضليل الرأي العام الغربي والأميركي بشكل خاص والعالمي بشكل عام ودفعه إلى عدم التركيز على مسألة الأسلحة المحرمة دولياً التي تم تقديمها لأوكرانيا.
إن اتخاذ إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن قرار تزويد أوكرانيا بأسلحة محرمة دولياً يفتح الباب لمرحلة جديدة من الحرب الدائرة على الأراضي الأوكرانية بين الغرب والشرق من حيث المفاهيم والتوجهات المستقبلية لإدارة العالم ومن المؤكد أن العواقب المترتبة عليه ستكون خطيرة إذا ما تطورت الأمور في اتجاه قيام الناتو بتزويد أوكرانيا بأسلحة إضافية محرمة دولياً.
في جوانب عديدة من الصراع الدولي بين الغرب والشرق يتزايد دور أدوات الحرب الناعمة على كل المستويات وما يحصل اليوم في أوكرانيا وخارجها وفي أماكن التقاء الخطوط الحمر في هذا الصراع يلاحظ أن الحرب الناعمة تتقدم على الحرب التقليدية في محاولة كسب المعركة وتغيير القناعات والأفكار والأولويات أيضاً والحملات الدعائية والتضليلية التي تديرها الجهات المحركة لوسائل التواصل الاجتماعي في المنطقة عموماً وشرق آسيا وحول روسيا خطيرة جداً ويجب مواجهتها بوسائل مماثلة وتعاون وثيق بين الدول الساعة إلى بناء عالم متعدد الأقطاب لا تحركه الهيمنة الغربية.

آخر الأخبار
الإعلام على رأس أولويات لقاء الوزير مصطفى والسفير القضاة وزير الإدارة المحلية والبيئة يوجه بإعادة دراسة تعرفة خطوط النقل الداخلي سجن سري في حمص يعكس حجم الإجرام في عهد الأسد المخلوع ميشيل أوباما: الأميركيون ليسوا مستعدين لأن تحكمهم امرأة لجنة السويداء تكسر الصمت: التحقيقات كانت حيادية دون ضغوط الضرب بيد من حديد.. "داعش" القوى المزعزعة للاستقرار السوري من الفيتو إلى الإعمار.. كيف تغيّرت مقاربة الصين تجاه دمشق؟ انفتاح على الشرق.. ماذا تعني أول زيارة رس... تفعيل المخابر والمكتبات المدرسية.. ركيزة لتعليم عصري 2.5 مليار يورو لدعم سوريا.. أوروبا تتحرك في أول مؤتمر داخل دمشق مغترب يستثمر 15 مليون دولار لتأهيل جيل جديد من الفنيين بعد زيارة الشيباني.. ماذا يعني انفتاح بريطانيا الكامل على سوريا؟ فيدان: ننتظر تقدّم محادثات دمشق و"قسد" ونستعد لاجتماع ثلاثي مع واشنطن وفود روسية وتركية وأميركية إلى دمشق لمناقشة ملف الساحل وقانون "قيصر" رغم نقص التمويل.. الأمم المتحدة تؤكد مواصلة جهود الاستجابة الإنسانية بسوريا بين "داعش" و"قسد" وإسرائيل.. الملفات الأمنية ترسم ملامح المرحلة المقبلة المنطقة الصحية الأولى بجبلة.. نحو 70 ألف خدمة في تشرين الأول تفجير المزة.. هل حان وقت حصر السلاح بيد الدولة؟ عودة محطة بانياس.. دفعة قوية للكهرباء واستقرار الشبكة نحو شوارع أكثر نظافة.. خطوات جديدة في حلب حملات لضبط المخالفات وتعزيز السلامة في منبج.. والأهالي يلمسون نتائجها