الثورة- رنا بدري سلوم :
«أنا ابن تلك الجبال، وكي لا أشعر بالحصار استنجدتُ بدرويشي الذي طالما رافقني في لحظات العتمة بنورانيته كي يسهم بإطفاء الحريق، من الأحمر الناريّ إلى الرماديّ، رحلة انتهت بشعلة صغيرة ، ربما هو جناح طائر الفينيق وهو ينهض من تحت الرماد»، كلمات كتبها الفنان بديع جحجاح بواقعية الريشة واللون قبل عامين في معرضه» حريق وحرقة «عام ٢٠٢١، أما اليوم فالفاجعة تعيد نفسها حرائق التهمت الأشجار، تلك الأرواح التي تعتنق الحياة والدهشة، دهشة الأخضر التي طالما رسمها جحجاح في لوحاته النورانية الواعية التي ترمز للحبق والحقّ والجمال، ولكن بعد هذه الفاجعة وكما بيّن في تصريحه لصحيفة الثورة أن لوحاته غرقت بالرماد ورائحة الموت، فللأشجار أرواحها أيضاً، كيف لا وهنا تهاوت أعشاش الطيور من أعالي الأشجار.
متحدثاً عن مشروعه في تأريخ الشجرة في دورانها الأبدي عبر تعاقب الفصول، وطبقات الخصوبة، ليجد نفسه فجأة محاصراً باللهب، هكذا اندحر الأخضر لمصلحة الأحمر، وكأنه دم الأشجار لحظة النزيف، فكان عليّه أن يرسم مرثيّة الزيتون والصنوبر في حمىّ لونيّة، سعى من خلالها إلى إطفاء حريقه الذاتي أولاً، ويتساءل ما الذنبُ الذي ارتكبتُه حقول الزيتون والصنوبر والقمح؟! ومتى ستنطفئ هذه النيران؟.
ومع كلّ هذا الألم يختم الفنان بالقول : «هذا الوقت سيمضي» ويبقى اللون شاهداً حيّاً على تاريخ وجغرافية الأرض والإنسان .