جريمة جديدة أقدم عليها الاحتلال الإسرائيلي في الجولان في إطار تصعيد عدوانه ضد الأراضي المحتلة الفلسطينية وسورية، تستحق التوقف عندها، وكشف غاياتها وأطماعها، تمثلت في قيام سلطات الاحتلال بحفريات في قرية باب الهوى المهجرة بالجولان السوري المحتل بدوافع سرية وأهداف غير معلنة تدخل ضمن المخطط الصهيوني الذي يستهدف الجولان قبل احتلاله، ويجري تنفيذه منذ احتلاله .
باب الهوى، قرية تقع في منطقة بركانية وعرة شمال تل العرام، كان الاحتلال دمرها بعد عدوان عام 1967 مع أكثر من 240 قرية ومزرعة، وهجّر أهلها، لكن لماذا الجولان اليوم، وما الغرض من وراء أعمال الحفريات التي بدئ فيها قبل سنوات، وقام بسرقة ما عثر عليه حينها، وهي مقبرة تضم مجموعة من الأضرحة تعود إلى ما قبل التاريخ، وبقايا جدران مبنية بحجارة بازلتية، وفخاريات من العصر البيزنطي، ليعود مجدداً هذا الأسبوع إلى عمليات الحفر.
هذا الأمر يلتقي مع محاولات العدو قديماً وحديثاً التأكيد على صهيونية الأراضي المحتلة في الجولان وفلسطين وغيرهما، في محاولة إيجاد شواهد على وجود صلات بهذا الأرض بالأكاذيب والادعاءات الصهيونية على وجود أصل وتاريخ اليهودية في هذه المنطقة.
ولم تفلح كل محاولات الكيان الإسرائيلي منذ قيامه على أرض فلسطين العربية عام 1948 ومنذ احتلال الجولان عام 1967 ، وحتى الآن في تقديم أي دليل تاريخي وأثري وثقافي ولا حتى ديني يثبت الارتباط بالدولة اليهودية الصهيونية المزعومة في منطقتنا العربية.
لذلك تأتي هذه الجريمة الجديدة في قرية باب الهوى بالجولان المحتل محاولة يائسة من قبل الاحتلال الإسرائيلي لتزييف تاريخ الجولان السوري المحتل وطمس هويته وسرقة آثاره، ومحاولة لتهويده في انتهاك صارخ من جديد لقرارات الأمم المتحدة، وفي مقدمتها قرار مجلس الأمن رقم 497 لعام 1981 الذي يؤكد أن جميع إجراءات الاحتلال الإسرائيلي في الجولان لاغية وباطلة.
ومن المعروف أنه منذ احتلال الجولان السوري عام 1967، لم تتوقف مخططات كيان العدو الإسرائيلي في هذه الأرض السورية المحتلة، كحال باقي الأراضي العربية المحتلة التي تتعرض للتهويد والنهب والسرقة والتدمير وطمس الهوية والتراث والتاريخ لتقديم أدلة على ارتباط إدعاء الصهيونية بصلة كيانها المزعوم بأرضنا.
حفريات الاحتلال في قرية باب الهوى، تأتي بعد 20 يوماً على إعلانه مخططاً لتجريف ما تبقى من منازل قرية عين فيت المهجرة وتحويلها إلى موقع عسكري لقواته، كل ذلك يؤكد أن الجولان في العناية المركزة للاهتمام الاستعماري الإسرائيلي بالجولان كمنطقة جيو إستراتيجية غنية بالموارد والإمكانات والمياه، وتحتل بالأولوية في المخططات الصهيونية العسكرية والأمنية والسياسية الساعية لضم الجولان إلى الكيان الإسرائيلي وتحويله إلى قاعدة عسكرية للانتقال إلى مرحلة قادمة من العدوان والاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في سورية وغيرها.
كما يأتي هذا بعد أيام على المخطط الإسرائيلي الذي يرمي الاحتلال من خلاله إلى طمس الهوية العربية السورية لقرية عين فيت، وتغيير معالمها بدباباته وجرافاته.
ويتزامن ذلك مع قيام الاحتلال بإنشاء مراوح كبيرة على أرض الجولان المحتلة لتوليد الطاقة عبر استغلال الرياح.
إن أطماع الاحتلال بالجولان السوري واسعة لا تتوقف عند حد معين والممارسات الممنهجة التي يرتكبها لا تقتصر على سرقة ثرواته ونهب مياهه ورياحه بل طمس هويته وتحويل أرضه إلى قاعدة عسكرية، بهدف تكريس احتلاله له بما في ذلك عن طريق تغيير الطابع الديمغرافي والجغرافي والتاريخي والثقافي في الجولان.