ما يجري في إفريقيا من تحولات دراماتيكية، ليس في أبعاده وحقيقته إلا امتداد وجزء من حالة الغضب والرفض العالمية للسياسات والمشاريع الأمريكية والغربية التي لم تجلب للعالم إلا الدمار والخراب والإرهاب.
لقد “حبس” الغرب القارة السمراء في سجن الفقر والجوع والعوز، وأحاطها بأسوار عالية من الهيمنة والتبعية والخوف والهلع عبر قواعده العسكرية المنتشرة هنا وهناك، ليس هذا فحسب، بل دعم ذلك بعملائه الذين وضعهم على رأس الحكم والسلطة ليكونوا حراساً “أمينين” لمشاريعه وطموحاته، وخائنين لشعوبهم وأوطانهم، يشرفون على الأرض لتنفيذ سياسات وآليات نهب خيرات وثروات شعوب القارة التي استيقظت من سباتها وبدأت بنفض غبار الغدر والخيانة عن كاهلها المثقل عبر عقود بالنهب والسلب والعمالة والتبعية.
“انقلاب الغابون”، حلقة جديدة في مسلسل الانقلابات التي تجتاح إفريقيا، والذي يبدو أنه سيأخذ منحى متسارعاً ومتصاعداً خلال الأيام القادمة، كرد فعل على السياسات الغربية تجاه هذه القارة الغنية بشعوبها ومواردها الطبيعة، والتي لم يرَ فيها الغرب سوى منجم للطاقة والغاز والنفط والذهب واليوارنيوم، يستطيع متى شاء أن يمد يده لأخذ ما يشاء من دون حسيب ورقيب، ومن دون أن يترك لأصحابها ما يسد رمقهم أو يبقيهم على قيد الحياة والإنسانية.
التحولات المتسارعة في إفريقيا والحالة الشعبية الداعمة لها، تجسد من جهة صحوة عالمية ضد الاستراتيجيات الأميركية والغربية التي أدخلت كثيراً من الدول والشعوب في حالة من الموت السريري، وتعكس من جهة أخرى التغيرات والتحولات الدولية، ولاسيما فيما يتعلق بتصدع أركان القطبية والهيمنة الأميركية والغربية بعد صعود وظهور تحالفات دولية جديدة على الأرض ساهمت إلى حد كبير بزعزعة النفوذ الغربي في كل أركان العالم.
هي بداية النهاية للأحادية والقطبية والهيمنة والطموحات الأميركية، ولعل الأيام القادمة كفيلة بأن تجعل هذه النهاية سريعة ودراماتيكية بأكثر وأسرع مما يتصوره ويتوقعه الكثيرون.

التالي