رشا سلوم:
شغلت الكتابة للأطفال الكتَّاب منذ القدم، وقد برع الكثيرون فيها، ومن الجميل أن نقف عند بعض الترجمات التي نقلت إلى العربية روائع هؤلاء.
الأستاذ منير الرفاعي ترجم أوسكا وايلد.. وقد صدرت الترجمة عن الهيئة العامة السورية للكتاب المجموعة القصصية (أوسكار وايلد).
وتصلح هذه القصص الخمس لأن تكون علامة بارزة في قصص الأطفال واليافعين، بموضوعاتها المميزة، وبأسلوبها السلس الشائق وبخيالها الخصب، يمزج فيها الكاتب الشهير “أوسكار وايلد” بين الخيال والواقع ببراعة قلّ نظيرها.
تكشف القصص عما تنطوي عليه أعماق النفس البشرية، فتحتفي بما فيها من خير وجمال، وتنتقد ما ينزّ عنها من شرّ وقبح.
إنها تحتفي بالتضحية لأجل الآخرين وبنشر المحبة وروح التعاون للارتقاء بالمجتمع، وتنتقد الأنانية والكِبر واستغلال براءة الناس وطيبتهم والاستهزاء بالآخرين والسخرية من مشاعرهم.
– محطات..
وفي التعريف بالشاعر فقد جاء في الموسوعة العربية التي اصدرت في دمشق.. أوسكار وايلد شاعر وناثر ومسرحي وناقد أيرلندي، وأحد أبرز الهجائين
في تاريخ الأدب الإنكليزي، وأهم ممثلي الحركة الجمالية الإنكليزية أو تيار «الفن للفن» الأوروبي. وهو سليل عائلة أيرلندية شهيرة، إذ كان والده أبرز جراحي دبلن في اختصاص العين والأذن، ألَّف عدة كتب في علم الآثار وكتاباً لافتاً عن الهجاء والسخرية في أدب جوناثان سويفت[ر]، كما كان شخصية فكهة مغامرة؟ أما والدته فقد كانت مترجمة وشاعرة ثورية تطالب باستقلال أيرلندا عن بريطانيا وصاحبة أهم صالون أدبي فني في دبلن وخبيرة في الأساطير والفولكلور السلتي (الكلتي).
تلقى وايلد تعليمه الأساسي في المدرسة الملكية إنّيسكِلِّين، وحصل لتفوقه الدراسي على منحة إلى كلية ترينيتي في دبلن مدة أربع سنوات، ثم حصل على منحة ثانية إلى كلية المجدلية في أُُكسفورد، حيث تخرج بعد أربع سنوات بدرجة شرف متخصصاً باللغات والآداب الكلاسيكية (الإغريقية واللاتينية)، كما أتقن الفرنسية والإيطالية، وعُرف عنه في أثناء دراسته إهماله الدروس والمحاضرات وغرقه في قراءة المصادر والمراجع، وتفوقه المذهل في الامتحانات.
كما وصفه بعض زملائه أنه مدع نفّاج، لكن الجميع اعترف بزلاقة لسانه وفكاهته اللافتة وبموهبته الشعرية، فعلى أثر الرحلة التي قام بها مع أساتذته إلى اليونان وإيطاليا في عام 1877 ألّف قصيدة مطولة بعنوان «راڤِنَّا» ضمنها انطباعاته عن الحضارة الرومانية، وفازت في عام 1878 بجائزة «نيوديغِت».
كان لأفكار الكاتبين الإنكليزيين جون رَسْكِن وولتر هوراشيو بيتر تأثير عميق في تطور وايلد، ولاسيما على الصعيد الجمالي وتطبيق ذلك في أسلوب العيش، وتأثر في الآونة نفسها بالرمزية الفرنسية وبالدعوة الفنية إلى العودة إلى مرحلة ما قبل الرفائيلية أي إلى الطبيعة المنعتقة من الصنعة.
ومنذ عام 1880 صار وايلد تجسيداً حياً ـ في مظهره الخارجي على صعيد اللباس الملون غير المألوف وتسريحة الشعر وأسلوبه المعيشي وتعبيره عن آرائه في قصائده ـ لتيار الجمالية المكروه والمنبوذ في أجواء لندن الڤكتورية ڤكتوريا (الملكة) الصارمة أخلاقياً ودينياً واجتماعياً والشهيرة أدبياً بالصنعة اللغوية، فبات وايلد موضوعاً للرسوم الساخرة في بعض مجلات العصر وفي الأوبرا الساخرة «صبر» التي وضعها الملحنان غيلبرت وسَليڤَن، ومع ذلك كان وايلد يزداد شططاً واستفزازاً للآخرين حتى بلغت شهرته الولايات المتحدة. ونشر في عام 1881 «قصائد» حذا فيها حذو أساتذته الشعراء سوينبرن وروسيتي وكيتس فعدَّها النقاد مجرد أصداء زائلة، في حين أعجب بها القراء، فراجت حتى نفدت الطبعة، ورسخت سمعة الشاعر المتفرد والمتمرد على الأعراف جميعها. ولضرورات مالية قَبِل أن يحاضر في الولايات المتحدة وكندا، فسافر عام 1882، وأمضى هناك اثني عشر شهراً مثيراً ذهول الأمريكيين حيال أسلوبه اللغوي ودهشتهم تجاه لباسه وسلوكه.
المجموعة القصصية (أوسكار وايلد)، ترجمة: منير الرفاعي، رسوم: قحطان الطلاع، صادرة حديثاً عن الهيئة العامة السورية للكتاب 2023.