لم يكن صباح أمس كمثله من الصّباحات التي اعتدنا عليها في صحيفتنا.. صباح مؤلم وقاسٍ.. فليس هناك أشد إيلاماً على النفس من أن تتلقى نبأ وفاة صديق وأخ وزميل عزيز، خاصة فيما كنا نعيشه بشكل يومي، وما قضيناه من سنوات سوياً بمهنتنا في أروقة صحيفتنا.
الأخ والزميل هزاع عسّاف.. المحب المخلص والمتابع لزملائك والطموح برسالتك.. لم يعد المكان كما عهدناه.. رنين صوتك الذي لن نسمعه بعد اليوم.. صعب الوداع، والأصعب أن ينتهي من دون كلمة وداع، ستبقى ذكراك، وسيبقى قلبنا ينبض بكلماتك وأنفاسك مع ابتسامتك التي عهدناها بيننا.. أفتقد صوتك وضحكتك الجميلة ونقاشنا اليومي.. وكلمتك التي ترددها لي دائماً “أخي”.
صديقي.. أمس كان موعدك مع العمل الجراحي لقلبك الطيب، وقد تحدثنا قبل أيام لتأجيل الموعد شهراً أو أكثر- حسب رغبتك- كما تم تأجيله مرتين قبل ذلك.. فكنت كل مرة تأبى أن تفتح قلبك لعمل جراحي، وكأن إحساسك يقول لك إن الرحلة قصيرة.
وتشاورنا يومها عن إجراء صورة الغاماكاميرا والتحضير لها حيث كان موعدها غداً الثلاثاء، وسنذهب معاً لإجرائها، كما كنا سوية في معظم الفحوصات الطبية والإجراءات الإسعافية.. والتي كنت دائماً تعود بقوة وأكثر إصراراً وإرادة بأن المرض لن يؤثر عليك ولن يهزمك.. فكنت مقبلاً على العمل والحياة.. إلا أن ساعة الرحيل كانت الأسرع.
شريط ذكرياتنا لا ينتهي أبداً.. ستبقى فينا وبيننا.. فالفقدان والفراق لا بد أن يأتي يوماً ما ونفقد أعز أصدقائنا ولن يعودوا أبداً إلى هذه الحياة.. ما كنت أظن يا صديقي بأني سأرد سدود الذكريات، لأرشف منها ما أبلل به جفاف الفراق ولوعته، وأفتش بالمكان عن نبرة صوتك، ورنين ضحكتك، ومشاركة أملك وألمك، لعل دعوة نبثها من قلبنا تسعدك في قبرك.. أيها الصديق.
أبا حيدرة.. لا يستطيع اللسان التعبير عن كلّ ما في النفس، ولكن تأبى النفس إلّا أنّ تبيّن بعض ما يتلجج في الصدر، ويشتعل في أعماق أنفسنا.. إلى روح صديقي الذي رحل إلى صاحب القلب النقي والابتسامة المريحة.. رحمة الله عليك يا أخي وأسكنك فسيح جناته.