رغم الحزن الشديد الذي تتشح به أيامنا إن كان على فقد عزيز أو قريب أو صديق، أو لظروف قاهرة نعيشها، أو حتى لكوارث تصيب أبناء جلدتنا في دول عربية، فإني لن أتحدث عن هذا الحزن ولن أقترب من معاني الكآبة، بل سأذهب بعيداً إلى الجانب الآخر من الحياة، إلى مكان يقبع فيه الحب في زاويته المظلمة وحيداً لا يكترث لوجوده الكثيرون، وكأنه بات قاب قوسين أو أدنى من التلاشي.
كثيرون كتبوا عن المحبة وليس آخرهم جبران عندما قال:”إذا المحبة أومت إليكم فاتبعوها، إذا ضمتكم بجناحيها فأطيعوها، وإذا خاطبتكم فصدقوها”، فلماذا لا نستمع لهذا النداء الإنساني، ولماذا لا نطلق لمشاعرنا العنان في التعبير عما يجول في قلوبنا تجاه الآخرين، هل هو الخجل، وهل عيب أن نعبر عن محبتنا لأصدقائنا، ولزملائنا في العمل، وأي ضرر سيلحق بنا فيما لو تشاركنا لحظات الفرح معاً، وأي خطيئة نرتكب عندما ندفن أحقادنا وعداواتنا ونظهر سلام الروح والقلب ونسكبه برداً وسلاماً على علاقاتنا مع الآخرين.
لا فسحة واسعة في الحياة، ولا زمن ينتظرنا، فالموت يتربص بنا ويخطف من نحب في غفلة منا، ولا يترك لنا فرصة حتى لكلمة وداع، وعندها فقط تنفجر ينابيع المحبة وتجود القرائح بكلمات المحبة والوفاء، ولكن هيهات هيهات أن تعيد تلك الكلمات لحظات ستصبح يوماً في طي النسيان.
إن ينابيع المحبة تفيض بالمشاعر النبيلة، ولكن لماذا نتجاهلها ونجعلها تنضب، ولماذا لا نجدد عهود الحب بيننا لنعيد للحياة معانيها المقدسة، فما فيها من الجمال يستحق أن نستمتع به، وما تزال لحظات كثيرة من الأمل والفرح قادمة إلينا بقوة.
إن الحياة تفرض قوانينها على الجميع في إحياء المحبة بيننا وإظهارها في أبهى تجلياتها”سلوكاً وأخلاقاً، ووفاء” فهل نحتكم لقانون الحياة ونعبر عن مشاعرنا بصدق، لنعيش بمحبة وسلام وأمان؟!.