الثورة -عزة شتيوي:
على طريق الحرير تمضي العلاقات السورية الصينية إلى محطة جديدة ترتقي بها لمستوى الشراكة الاستراتيجية بين بلدين تربطهما علاقات تاريخية ونهج دبلوماسي مناهض لفكر الغرب الاستعماري، فالصين رؤية مختلفة عن بعض الدول الكبرى وتجلى ذلك في المواقف السياسية والاقتصادية للصين تجاه السوريين حيث استخدمت الفيتو عدة مرات لصد المؤامرة عن سورية في مجلس الأمن.
واليوم تحاول بكين النهوض بعالم متعددة الأقطاب بالشراكة مع الدول التي حاولت الامبريالية وتوحش القطب الواحد النيل منها، ومنها سورية التي تربطها بالصين طرق تجارية وسياسية لم تعرف الوعورة يوما، فطالما اعتبرت بكين أن دمشق تشكل حالة فريدة في الشرق الأوسط من حيث التنوع الثقافي والاجتماعي للشعب السوري وعمقه الحضاري وخياراته السياسية التي كونت مع موقع سورية الجغرافي ثقلا جيوسياسيا، وجعلها بوابة للشرق الأوسط وميزانا لمعادلاته السياسية.
كان الموقف الصيني واضحا وصريحا في مساندته لسورية في الحرب الإرهابية والاقتصادية التي فرضت عليها، ومؤخرا ووسط التصعيد الأميركي بإرسال قواته للمنطقة وما كشفه إعلام الغرب عن نية واشنطن قطع الطريق بين سورية والعراق ودول محول المقاومة من التنف وصولا للبوكمال تجلى الحضور الدبلوماسي والسياسي للصين في الشرق الأوسط في المصالحة مابين السعودية وإيران، بالإضافة إلى التصريحات الصينية عن نهب أميركا للنفط السوري ما يشكل دعما سياسيا قويا لسورية، واليوم يبدو أن بكين تتجه لمساندة دمشق في الحرب الاقتصادية المفروضة على السوريين.
زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الصين تشكل خطوة إضافية كبرى في العلاقات بين البلدين، والدعوة لهذه الزيارة من الرئيس الصيني تؤكد أن بكين تسعى لترسيخ نظام عالمي متعدد الأقطاب كانت سورية وصمودها في وجه الغرب نقطة الانطلاقة نحوه، واليوم تستمر سورية وروسيا في تصديهما من الساحة السورية إلى أوكرانيا في بلورة الجزء الأهم من هذا النظام المتعدد الأقطاب، لذلك تسعى الصين إلى إبراز مساندتها ودعمها وتوقيع الاتفاقيات لصالح الشعبين السوري والصيني.
القمة السورية الصينية وتوقيع الاتفاقيات الثنائية بين الصين وسورية خلال زيارة السيد الرئيس بشار الأسد للصين يؤكد أن دمشق وبكين مصممتان على إيجاد بيئة اقتصادية للتعاون تكسر أنف قيصر عقوبات أميركا، وتعبد الطريق لإعادة الإعمار في سورية والارتقاء بالعلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، وهو ما أعلنته الصين أمس خلال الزيارة التاريخية للرئيس الأسد، وما يعزز ذلك هو تلاقي الرؤية السورية التي طرحت قبل الحرب بضرورة وصل الطرق التجارية بين سورية والصين مع مبادرة الحزام والطريق الصيني الذي وقعت عليه دمشق، يتضح أن الرؤية بين بكين ودمشق واحدة والاتجاه مشترك إلى عالم متعدد الأقطاب قائم على الشراكة والعدالة والتعاون واحترام الدول والثقافات.
مجالات كثيرة للتعاون بين البلدين، ستحقق نتائج هامة لكلا البلدين خاصة بعد الزيارة التاريخية للرئيس الأسد التي أظهرت أن الصين أكثر تصميما اليوم مع شركائها على الانتقال بالعالم إلى التعددية القطبية، لذلك وأكثر اتجهت الأنظار إلى مصافحة الرئيس بشار الأسد ونظيره الصيني لأن ما قبلها ليس كما بعدها، فهي خطوة إضافية نحو تغيير النظام العالمي ونقطة فارقة في توازنات الشرق الأوسط.