الثورة – لميس عودة:
خطت الصين خطوات رائدة في سياستها النزيهة وتمسكها بمبادئ حقوق الدول السيادية على أراضيها واستقلالية قراراتها الوطنية وحقها المشروع في محاربة الإرهاب الذي تكفله مواثيق الشرعية الأممية وقوانينها، ورفض مخططات التجزئة والتقسيم التي تنال من وحدة جغرافية الدول وترابطها، وحق شعوبها باستعادة ثرواتها المنهوبة من قوى الشر العالمي وأدواتهم. مواقف الصين المبدئية كانت ولم تزل واضحة وثابتة في الملفات الدولية الساخنة في منطقتنا والعالم و القضايا التي فرضت فيها أميركا مشيئتها التسلطية حتى على المجتمع الدولي ومنظماته، وفرزت واشنطن من خلالها الدول على مقاييس التبعية والإذعان لرغبتها العدوانية وجموحها للسطوة والهيمنة، الأمر الذي رفضته الصين بقوة واعتبرته تعديا صارخا وتدخلا سافرا في شؤون الدول المستقلة، ومحاولة سلب قراراتها السيادية وتهديد أمنها الاستراتيجي.
اتسم موقف الصين تجاه الحرب الإرهابية التي تشن على سورية بالاختلاف عن موقف أميركا تجاهها، وهو نهج صيني مغاير في المواقف والمبادئ والتوجهات، وليس جديدا على بكينْ، إذ لطالما تناقضت التوجهات السياسية للصين وعلاقتها مع الدول القائمة على احترام سيادة الدول على أراضيها عن الرؤية والغايات الأميركية من تأجيج الحروب للاستثمار بتبعاتها وافتعال الأزمات لتحقيق مكتسبات وغزو الدول .
فسياسة الصين الخارجية تحكمها تقاطعات الأيديولوجيا بالمصالح المشتركة بين الدول ومنفعة الشعوب، إلا أن الجديد في موقف الصين تجاه الهجمات الشرسة التي شنتها أميركا ودول الغرب الاستعماري للنيل من الدولة السورية بأنه تعدى حدود الاختلاف في المواقف والرؤى مع سياسات أميركا في منطقتنا، وبلغ حد المواجهة السياسية في المحافل الدولية تمثلت باستخدام حق النقض الفيتو ضد قرارات مسيسة تستند إلى فبركات وافتراءات باطلة تتافي حقيقة الأحداث وتزيف المعطيات وتزور الأدلة والبراهين تستهدف النيل من الدولة السورية، وهنا بدأت الصين أولى خطوات كسر قيود التعسف الأميركي وجبروت هيمنة واشنطن على المنطقة والعالم، والإيذان ببدء أفول القطبية الأميركية وصعود قطب عالمي جديد متزن ومسؤول يملك كل مقومات القوة والتمكن والتفوق النوعي سياسيا واقتصاديا ويفرض ثقله في ميزان القوى العالمية.
استخدمت الصين حق الفيتو عدة مرات ضد مشاريع قرارات مسيسة صاغتها وتبنتها دول داعمة ومشغلة للإرهاب استنادا على فبركات وأباطيل لا صحة لها تم تسويقها في المحافل الدولية لاتهام الدولة السورية بها، رمت وترمي من خلالها قوى العدوان الأميركي الغربي المشغلة للإرهاب لشرعنة العدوان على سورية ومصادرة حقوق السوريين برفض التعديات واستباحة اراضيهم ونهب ثرواتهم تحت غطاء محاربة الإرهاب الذي تدعمه وتموله وتشرف على جرائمه نفس الجهات التي تدعي محاربته .
وانطلقت الصين في كل حقوق النقض “الفيتو” التي استخدمتها من مبادئها الثابتة التي تعتنقها ورفضها لتزوير وتزييف المعطيات وتشويه حقيقة الأحداث على الأرض السورية، لذلك استخدمت حق النقض “الفيتو” ثماني مرات في مجلس الأمن الدولي، بدءا من الرابع من تشرين الأول عام 2011 لإفشال مشاريع قرارات غربية تنتهك سيادة سورية، مؤكدة أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل بلده، فضلاً عن دعمها المستمر لحق سورية في استعادة الجولان المحتل.. وفيما يلي نذكر عدد المرات التي استخدمت فيها الصين حق النقض “الفيتو” في مجلس الأمن منعا للتعديات الغربية، ودعماً لسورية ضد المؤامرات التي تستهدفها:
4-10-2011 استخدمت الصين وروسيا حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار يهدف للتدخل في سورية.
4-2-2012 استخدمت كل من الصين وروسيا حق النقض الفيتو لعدم تمرير مشروع قرار يهدف للتدخل الخارجي في سورية .
5-12-2016 استخدمت الصين حق الفيتو ضد مشروع قرار يطالب بهدنة في حلب لإنقاذ الإرهابيين.
28شباط 2017 فيتو صيني ضد فرض عقوبات على الدولة السورية بذرائع استخدام أسلحة كيماوية مزعومة لا صحة لها
19-9-2019 استخدمت الصين حق النقض “فيتو” ضد مشروع قرار في مجلس الأمن يهدف إلى حماية الإرهابيين في إدلب بحجة وقف الأعمال القتالية.
20-12-2019 استخدمت الصين وروسيا حق النقض ” فيتو” ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي حول نقل المساعدات الإنسانية إلى سورية من دون التنسيق مع الدولة السورية .
7-7-2020 فيتو روسي وصيني ضد قرار في مجلس الأمن متعلق بإدخال مساعدات إلى مناطق تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية لدعم هذه الفصائل الإرهابية.
10-7-2020 استخدمت الصين حق النقض “فيتو” ضد مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يستغل الأوضاع الإنسانية في سورية وينتهك سيادتها.
وفي كل ذلك ارتكزت الصين على سياساتها التي لم تتغير للحظة الراهنة ومواقفها الثابتة المستندة على أسس رفض التدخّل في الشؤون الداخلية للدول وأحقية الدول السيادية في محاربة الإرهاب على أراضيها، ورفض المشاريع التفتيتية التخريبية واستعادة ثرواتها المنهوبة .
بالمقابل تؤكد سورية دعمها المطلق لسيادة ووحدة أراضي جمهورية الصين الشعبية، ورفضها للتعديات و الاستفزازات التي تنفذها أميركا ضدها وتأييدها للميول الانفصالية لتايوان، وأن الدولة السورية لا تعترف إلا بصين واحدة موحدة، وتؤيد بشكل مطلق مواقف الصين في مواجهة محاولات التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية سواء في تايوان أم في هونغ كونغ أم شينجيانغ.