الثورة _ رفاه الدروبي:
أضاءت ندوة حوارية بين أربعة متخصصين بأدب الروائي السوري حنا مينه في ذكرى وفاته أعماق عوالمه الموحية بمعانٍ إنسانية سامية حملت عنوان «حنا مينه.. معين لاينضب» شارك فيها المخرج الناقد علي العقباني، علا جبر، نغم الأحمد، أدارها القاص والناقد بشار البطرس، ضمَّها المركز الثقافي في العدوي.
«الشراع والعاصفة» ذروة إبداعه
الكاتب بشار بطرس بيَّن أنَّ النقاد يعتبرون «الشراع والعاصفة» ذروة إبداع حنا مينه، بينما كتب لمجرد الكتابة في سنواته الأخيرة لأنَّه وجد صعوبة في التوقُّف عنها، المخرج علي العقباني أشار بأنَّه روائي حظيت أعماله باهتمام كبير وتحوَّلت إلى شاشتين فضيتين (السينما والتلفزة)، إلا أنَّ لديه زخماً من الشخصيات في رواياته تصل إلى ٥٦٠ شخصية، وتبدو في رواية «مأساة ديمترو» المحتوية في مضمونها على لعب درامي وعوالم مختلفة لتعدد الأصوات واختلافها عن الكلاسيكية، كما ركَّزت «الربيع والخريف» على العلاقة بين الشرق والغرب، وتناول مينه في كتاباته عالم البحر وميناءه.
الخروج عن المألوف
ولفت المخرج العقباني إلى مسيرة الكاتب بأنَّها بدأت بالهجرة حيث كان حمَّالاً في الميناء ما أعطاه معرفة من خلال التغلغل مع الطبقة المهمَّشة ليقف إلى جانبها ويدافع عنها، لافتاً بأنَّه أطلق على أعماله أدب البحر ولم يكن جزافاً فأغلب شخصياته نابعة من الواقع المحيط بالبحر، إنَّه أستاذ بوصفه الدقيق وشخصياته بتفاصيلها حيث يقوم بفرد الأحداث ويظهر القلق الإنساني بهيجانه وعنفوانه كما البحر، إضافة إلى الانتماء الإيديولوجي في حقبة ستينات وسبعينات القرن الماضي حيث كان عاملاً مهماً في انتشار رواياته بينما تغيَّرت كل الأحداث في وقتنا الراهن، ورأى بأنّه يُعرِّي شخصياته من الداخل مبرزاً ضعفها ومشاكلها من خلال العلاقة بين الرجل والمرأة، ومن جهتها نغم حامد أكَّدت بأنَّ مادة أدبه لا تتميز أغلبها بأدب البحر ولقب روائي البحر غير صحيحة نسبياً فأغلب أعماله تركزت عنه ولكن ليس معظمها وهناك مجموعة من أدبه خرجت من نطاقه واتجهت إلى الحياة المعاشة، مثل رواية «المرصد»، مُنوِّهةً بدور المرأة في أدبه من خلال التركيز على ثلاث نقاط: صورة المرأة الرغبة والشهوة كانت الأبرز ومنها رواية «عاهرة ونصف مجنون» تحمل في مضمونها امرأة على درجة من الثقافة وتعرف أبا ذر الغفاري والفيلسوف كونفوشيوس ونجيب محفوظ لكن الشخصية تتاجر بنفسها وتجني المال كما يُظهر الكاتب في رواياته التوحد مع الشخصية ليحقق الأدب جزءاً من النجاح.
كلاسيكي الأسلوب
بدورها علا جبر رأت بأنَّ هناك فرقاً واسعاً واختلافاً كلياً بين رواياته وقصصه من حيث الطول والمساحة فقصصه إحماء لكتابة الرواية وغالباً ما تحمل في ثناياها تشويقاً يقفز من فكرة لأخرى ويتصف أسلوبه كأدب كلاسيكي لكنَّه يبقى «حنا مينه» كتب في فترة زمنية ساعدته على الانتشار ويعتبر روائياً استثنائياً كتبت رسائل الماجستير والدكتوراه عن إبداعاته الأدبية وقرأ الأغلبية رواياته أثناء حياته.
دمج الرومانسية بالواقعية
من جانبه الأديب عبد الله نفاخ بيَّن أنَّ بناء شخصياته تتحدَّث عن بيئة العصر والمرحلة، وصور «نجيب محفوظ عن المرأة» كما صورها عند «حنا مينه» فقد سلَّط الضوء على الناحية الغريزية ودمج الرومانسية بالواقعية، لكنه أراد أن يُصوِّر البيئة ويرسم الصورة المتكئة عليها ليكون كاتباً واقعياً لمرحلتي ستينات وسبعينات القرن الماضي واختلافها بالأسلوب التقليدي المسيطر على الأدب في الحقبة نفسها.
نقلة إلى النور
بدوره الكاتب عماد نداف أوضح بأنَّ الجلسة كانت موضوعية وتتميَّز بتذوّق خاص بها، وأعادت الاعتبار اتجاه مواقف الكاتب وفق نقطتين: الأولى ظهوره لا يُعطي صورة عنه لأنَّ كل الكتَّاب نهضوا في فترة التقسيمات الإيديولوجية ومن بينهم كاتبنا المشهور فأعطته ونقلته من دائرة العتمة إلى النور والسرور والورد كونه امتلك مقومات الكاتب الكبير وقدَّم نموذجه الخاص بعبارات مُتفرِّدة لاسيَّما في صراعه مع البحر والمرأة حيث أثبت بأنَّها ليست حالة تجارية.