يعيش كيان الاحتلال الإسرائيلي مرحلة انهيار شبه كامل على الصعيد الأمني والعسكري، وهو من خلال تصعيد عدوانه الهمجي على المدنيين في قطاع غزة، إنما يلهث وراء البحث عن صورة وهمية لانتصار مزيف، يراه بين جثث الأطفال والنساء، وبين ركام البيوت التي هدمها فوق رؤوس ساكنيها، ولكن كل جرائم الحرب التي يرتكبها بحق المدنيين العزل، لن ترمم أكذوبة تفوقه العسكري، الذي طالما راهنت عليه الولايات المتحدة ليكون ذراعها الإرهابية في طول المنطقة وعرضها.
عملية “طوفان الأقصى” سجلت انتصاراً منجزاً للمقاومة الفلسطينية منذ اللحظة الأولى لانطلاقتها، وقد اعترفت الولايات المتحدة والغرب الجماعي الداعم للكيان الصهيوني بهذا الانتصار الناجز، من خلال المسارعة لنجدة كيان الاحتلال، عسكرياً وسياسياً وإعلامياً، وإرسال واشنطن لحاملة طائراتها من أجل محاولة ردع المقاومة الفلسطينية في غزة، أكبر دليل على خوفها من انهيار الكيان الإسرائيلي بشكل كامل، وهذا الدعم الغربي غير المسبوق يشير بشكل واضح إلى خشية ذاك الغرب من إلحاق هزيمة محققة بالكيان الإسرائيلي، الأمر الذي يشكل ضربة قاصمة لكل مشاريعه الاستعمارية في المنطقة كلها.
الولايات المتحدة تقود دفة العدوان نيابة عن الاحتلال الإسرائيلي بعدما دخل حكامه في نفق التخبط والارتباك، ومخطط التهجير القسري للفلسطينيين من غزة، قد أعلنته حكومة الاحتلال خلال زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للأراضي الفلسطينية المحتلة، والذي سارع من فوره للترويج لهذا المخطط الاستعماري الجديد، في أثناء جولته على عدد من دول المنطقة ومحاولة الضغط عليها لقبول هذا المشروع، ما يعني أن بلينكن أحضر معه مشروع نكبة جديداً، على غرار نكبة 1948، وهو الأمر الذي ترفضه المقاومة إلى جانب الشعب الفلسطيني بشكل مطلق، ولن يكتب له النجاح، مهما أوغلت قوات الاحتلال الإسرائيلي بجرائمها ووحشيتها.
الولايات المتحدة والدول الأوروبية تشارك بشكل فعلي في جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، إذا ما زالت تلك الدول تمنع وصول الأدوية والأغذية لأطفال غزة، وتعطي الضوء الأخضر للاحتلال كي يصعد جرائمه، وتدفعه نحو توسيع رقعة العدوان لتشمل المنطقة برمتها، ولكنها تخطئ بحساباتها مجدداً، فتوسيع رقعة العدوان سيؤدي إلى طوفان جحيم يحرق الكيان الغاصب، ويبدد كل المخططات والمشاريع الاستعمارية التي يحوكها الغرب المتصهين لشعوب المنطقة، وقد أثبتت عملية “طوفان الأقصى” مدى هشاشة الكيان الإسرائيلي الذي يعتمد عليه الغرب لتنفيذ مخططاته، وما هي سوى أيام قليلة حتى يشاهد العالم بأجمعه بأن “طوفان الأقصى” لن يهدأ إلا وفق شروط المقاومة وحدها، فهي من يتحكم بمسار الميدان، وقد أسست لمرحلة جديدة، سيبنى عليها لاحقاً لدحر الاحتلال واقتلاعه، وإعادة كل الحقوق المغتصبة لأصحابها الشرعيين.