الوقفات التضامنية والمسيرات الشعبية العارمة التي شهدناها في دول العالم تضامناً مع الشعب الفلسطيني وتنديداً بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، تؤكد بما لا يدعو للشك أن القضية الفلسطينية لا تزال القضية المركزية للعرب.
ولا تزال قضية حية وباقية في الوجدان الشعبي العربي والدولي، لم تمت، ولن تنساها الجماهير وشعوب الدول، كما يعتقد كيان العدو الإسرائيلي، وخسر رهاناته في حرف الرأي العام العالمي عن هذه القضية المركزية وضرورة إيجاد حل لها باعتبارها القضية الأساس في تحقيق السلام في المنطقة، وإنهاء ظاهرة الاحتلال والعدوان، كما فشلت مخططات حكومة العدو العنصرية المتطرفة والإدارة الأميركية النازية بطمس قضية فلسطين وإلغاء حقوق الشعب الفلسطيني، فكلها محاولات باءت بالفشل.
أمام هذا التضامن مع شعب فلسطين، لم يخفِ العالم قلقه من مخططات كيان العدو لتدمير غزة وتهجير أهلها، وإعادة تكرار كارثة النكبة عام ١٩٤٨، بجريمة تشريد جديد للفلسطينيين بعد الجرائم الإسرائيلية التي ارتكبتها قوات الاحتلال بحق أهالي غزة ولم يستثنِ المشافي والمدارس ودور العبادة والمدنيين؛ مسلمين ومسيحيين، نساء وأطفالاً وشيوخاً من دون تمييز على الرغم من الاحتجاجات الشعبية والسياسية والاجتماعية الواسعة التي أعلنتها صراحة شعوب دول العالم، ورفضها التام لتلك الجرائم.
لم يراعِ العدو أي احترام لمبادئ الأخلاق والقيم الإنسانية، بل تصرف كذئب هائج جائع، يلهث بشراهة نحو سفك الدماء والقتل، ليغوص في وحول الدم ومستنقع الدمار والخراب، ويغرق في جرائم حرب ضد الإنسانية.
نحن في العالم اليوم أمام تحدٍّ خطير جداً يهدد الشعب الفلسطيني، قد يعيد كارثة نكبة جديدة، ونحن على حافة اتخاذ قرار مصيري في واشنطن ستكون له تداعيات خطيرة على أمن المنطقة والعالم، يسهل تنفيذ المخططات الإسرائيلية في غزة، وهو القرار الذي من شأنه أن يكرس الشراكة الكاملة للولايات المتحدة في العدوان، سواء أدرك بايدن وفريقه ذلك أم لا، مخططات تهدف إلى طرد وتهجير جديد للفلسطينيين أصحاب الأرض الحقيقيين من غزة بعد كل القتل والتدمير والجرائم التي ارتكبها كيان العدو على أرض غزة وأرض فلسطين.
لقد حان الوقت لكي تتوقف الولايات المتحدة عن ترديد الكلمات الفارغة حول السلام، بينما تقدم المال والأسلحة والدعم السياسي للمخططات الإسرائيلية الممنهجة غير المحسوبة العواقب، التي جعلت السلام غير قابل للتحقيق.
لقد حان الوقت الآن لتعترف الولايات المتحدة الأميركية بأنها متورطة بجرائم نظام الفصل العنصري الصهيوني التي لم ينتج عنها سوى المزيد من تصعيد الاعتداءات وارتكاب المزيد من المجازر بحق الشعب الفلسطيني.
إن ما يحصل اليوم على المستوى العالمي بالعمل على إرساء نظام دولي سياسي جديد قائم على التعددية القطبية هو رد طبيعي على سياسات الهيمنة والعدوان والاحتلال والتفرد بالقرار الدولي، وربما سيكون تمهيداً لما سيجري في المنطقة من تغييرات ستكون رداً على ظاهرة الاحتلال والعدوان والتدمير والتطهير العرقي الذي تقوم به سياسات الكيان الإسرائيلي ضد الفلسطينيين ودول المنطقة.
فهل ينجح المجتمع الدولي ومؤسساته ويتحمل مسؤوليته بوضع حد للعنجهية الإسرائيلية ويمنع حدوث كارثة جديدة تصيب المنطقة؟.