رشا سلوم:
القدس كما قال الشاعر العربي عمر أبو ريشة رؤى عيسى على جفن النبي, مسرى الأنبياء إلى السماء, إلى النور, مدينة السلام التي يحاول الصهاينة أن يدنسوها, هي في قلب كل عربي, وكل مؤمن بغض النظر عن مذهبه ودينه, لأنها مسرى الأنبياء, والأنبياء هم رسل الرحمة والقيم والمحبة والنور.
القدس في الإبداع رمز لا يضاهيه رمز في الشعر والرواية والفن والموسيقا, ومن أجدر من الرحابنة في الإبداع الغنائي والموسيقي, كم رددنا وسنبقى نردد ملحمتهم التي غنتها فيروز, وهي اليوم أقرب إلى الرؤيا التي تتحقق, القدس عائدة, أجراس العود بدأت تقرع, قد يطول الوقت قليلاً لكنها عائدة, زهرة المدائن حاضرة الآن وفي كل حين بكل بيت وقلب وعقل وهي أغنية ألّفها ولحّنها الأخوان رحباني، عقب حرب 1967م.
الموسوعة الحرة فقد سرى اعتقاد خاطئ في معظم مواقع الإنترنت أنها من تأليف الشاعر اللبناني سعيد عقل، وهو ما يتناقض مع المعلومات الواردة في الألبومات والإسطوانات الأصلية لفيروز التي تؤكد أن هذه القصيدة من تأليف الأخوين رحباني.
«زهرة المدائن» هو الاسم القديم لمدينة القدس، وكان قبل ذلك اسمها «يبوس».
تقول القصيدة الأغنية
لأجلك يا مدينة الصلاة أصلّي
لأجلك يا بهيّة المساكن يا زهرة المدائن
يا قدس يا مدينة الصلاة أصلّي
عيوننا إليك ترحل كل يوم
تدور في أروقة المعابد
تعانق الكنائس القديمة
وتمسح الحزن عن المساجد
يا ليلة الإسراء يا درب من مرّوا إلى السماء
عيوننا إليك ترحل كلّ يوم وإنّني أصلّي
الطفل في المغارة وأمّه مريم وجهان يبكيان
لأجل من تشرّدوا
لأجل أطفال بلا منازل
لأجل من دافع واستشهد في المداخل
واستشهد السلام في وطن السلام
وسقط العدل على المداخل
حين هوت مدينة القدس
تراجع الحبّ وفي قلوب الدنيا استوطنت الحرب
الطفل في المغارة وأمه مريم وجهان يبكيان وإنني أصلّي
الغضب الساطع آتٍ وأنا كلي إيمان
الغضب الساطع آتٍ سأمرُّ على الأحزان
من كل طريق آتٍ بجياد الرهبة آتٍ
وكوجه الله الغامر آتٍ آتٍ آتٍ
لن يقفل باب مدينتنا فأنا ذاهبة لأصلّي
سأدقّ على الأبواب وسأفتحها الأبواب
وستغسل يا نهر الأردن وجهي بمياه قدسية
وستمحو يا نهر الأردن آثار القدم الهمجية
الغضب الساطع آتٍ بجياد الرهبة آتٍ
وسيهزم وجه القوّة
البيت لنا والقدس لنا
وبأيدينا سنعيد بهاء القدس
بأيدينا للقدس سلام آتٍ
وكما كانت دمشق منطلق فيروز إلى العالم, ها هي اليوم تستعيد ذلك من خلال الاحتفاء بفيروز وإبداعها وغنائها للقدس لعروس المدائن فقد افتتح في غاليري زوايا في دمشق معرض “فيروز… بأيدينا سنعيد بهاء القدس” بالتعاون مع مؤسسة بدايات وبمشاركة 18 فناناً وفنانة تحية منهم لفلسطين من خلال رمزية السيدة فيروز وحضور أعمالها التاريخية في وجدان القضية الفلسطينية.
وشارك في المعرض مجموعة من الفنانين التشكيليين هم نبيل السمان وإسماعيل نصرة ووليد جانو وفايزة الحلبي وأحمد كمال ونينار زهوة وعلا الأحمر ونور خوري وشراز دروش وزينة الحريري وإسراء الزنبق ورنيم الساعاتي و فراس العيسى ورندة تفاحة ونينار عثمان ورهام طرقجي ونهى إسماعيل وساندي عثمان.
ورافق المعرض تقديم فقرات فنية من أغنيات مختارة للسيدة فيروز من أداء رهام كويفاتي ونينار زهوة وعزف حمزة ذكرى وماسا ذكرى.
وعن هذا المعرض قالت مديرة مؤسسة بدايات عائدة سلامة في تصريح لها إن الفن هو شكل من أشكال المقاومة فكان هذا المعرض الذي يضم أعمالاً لثمانية عشر فناناً وفنانة تحية لفلسطين من خلال السيدة فيروز ورمزيتها وحضورها التاريخي في وجداننا.
أما الفنان التشكيلي نبيل السمّان: فرأى أن المعرض اليوم جاء ليكون كوقفة تضامنية مع أهلنا في الأراضي المحتلة متمثلاً برمزية السيدة فيروز التي منحت مفتاح القدس والتي أدت الكثير من أعمالها بتوقيع القضية التي لم تغب.
في حين قالت الفنانة التشكيلية رندة تفاحة إن المشاركة في معرض يحمل اسم السيدة فيروز ومدينة القدس تعني الكثير وخصوصاً أنه جاء متزامناً مع ما يحدث في فلسطين المحتلة، وكما غنّت فيروز: إننا عائدون” وهذا ما نتأمله.