الثورة – حمص – ابتسام الحسن:
أنشأ أهالي حمص القديمة منذ قرابة 200 عام عدداً من المنشآت العمرانية، للوصل بين الحي الواحد وتعرف حالياً بالسيباطات، تضفي بنقوشها المميزة طابعا عمرانيا متفردا يحكي تاريخ حمص العريق وتاريخ الحياة الاجتماعية بتفاصيلها وتناغمها في المدينة.. السيباطات مبنية من الحجر الأزرق ومفرغة بطريقة فنية لوضع الفوانيس يأخذ السيباط شكلاً مستقيماً، كما يأخذ أحياناً شكلاً متصالباً يصل بين تقاطع أربعة أزقة، مثل سيباط (بيت القاضي) الذي بنيت عليه عدة حجرات تسمى (الشرفة) كما في أبنية الأندلس القديمة.
عضو الجمعية التاريخية في حمص عبد المؤمن الحجار حدثنا عن تاريخ السيباطات ونشأتها تاريخيا وأهميتها التراثية والسياحية، موضحاً أن كلمة سيباط مأخوذة من الفارسية (سابة) وتلفظ أحياناً ساباط، وتعني السقيفة بين دارين، أو الغرفة الملتصقة بين دارين ويمر تحتها طريق، تعني الظل والحماية والملاذ, و(بوش) تشير إلى اللباس ويريدون بذلك الملجأ الذي يحمي الثياب من المطر, كما أن كلمة السَبط جمع سباط وتعني المطر الغزير.
وأشار إلى أنه عُرف السيباط قديما في أغلب حواضر بلاد الشام كدمشق وحلب وحمص والقدس وغزة وطرابلس، كما وجدت أيضاً اسماً مشابها لها في القاهرة.
ويبلغ عددها 20 سيباطاً، يوجد معظمها بجانبِ دورِ العائلات الكبيرة، كسيباطي بيت الدروبي الغربي بالقرب من صليبة الغفيلة والشرقي الذي يفضي إلى دور آل الدروبي الأثرية، وسيباط بيت الأديب أو زين العابدين قرب شارع أبو العوف، وسيباط الخانكان بالقرب من سوق البازرباشي، سيباط الجندي قرب الأسواق الأثرية، سيباط شمس الدين، سيباط القاضي (الرفاعي) في حي باب الدريب الذي يعتبر من أطول سيباطات في المنطقة وله ثلاثة منافذ، سيباط الأتاسي (المفتي).
ونوه بأن السيباطات منها ما هو قائم إلى الآن ومنها ما اندثر بعوادي الزمان كسيباط الصوفي وزابوق الخمارة في شارع القوتلي، مشيراً إلى أن السيباطات تعرضت للتخريب خلال فترة الحرب وخاصة في باب هود وباب الدريب، كما أن سيباط جامع الحسيني بحاجة لترميم منوهاً بأن معظمها بقي شاهدا على انتصار المدينة، وإرادة شعبها وتمسكه بتاريخه وتراثه, لافتا إلى ضرورة ترميم ماتبقى من السيباطات خاصة أنها عامل جذب سياحي هام وللحفاظ عليها وتركها للأجيال القادمة كنموذج عن البناء العربي الأصيل الذي نفخر به.