الثورة – رفاه الدروبي:
خصص النادي الأدبي الثقافي ندوة مطوَّلة عن الشاعر نزار قباني في ذكرى ميلاده المئوية (1923-2023)” قُدِّمت في ثقافي أبي رمانة، بإشراف الدكتور راتب سكر ومشاركة الدكتور جهاد بكفلوني، تناول “حكايتي مع نزار قباني”.
تختال القصيدة بكلماته
الباحث والكاتب الدكتور نزار فلوح استهلَّ الأمسية بالحديث عن “قصائد نزار المُغنَّاة” فأكَّد أنَّ الشاعر يحتاج إلى أبحاث مطوَّلة، لكنَّ علاقة الشعر بالغناء ذات تاريخ قديم، وتُدرَّس ضمن التبادل والتراسل بين الفنون المختلفة من رقص وغناء ونحت ورسم، أمَّا العلاقة التبادليَّة بين الغناء والشعر فإنَّ كلاً منها يعني الآخر، والغناء يخرج القصيدة من الأدراج ولا يتركها حبيسة داخلها، مُنوِّهاً بأنَّه يمنح الشعر الإيحاء فتختال القصيدة من المهابة والسحر.
كما انتقل الدكتور فلوح إلى قصائد نزار المُغنَّاة، وكيف تهافت المطربون الكبار على شعره الجميل المتمحور عن المرأة والقضايا الإنسانية والوطن، لما تحمله من خاصة إيقاعيَّة قابلة للغناء عبر ألفاظه وتراكيبه العذبة والمحبَّبة، فشدا بها المطربون بأصوات مختلفة، أمثال محمد عبد الوهاب، أم كلثوم، نجاة الصغيرة، عبد الحليم حافظ، مُشيراً إلى وجود عشرات القصائد المُغنَّاة لنزار على مساحة الوطن العربي لكنَّها لم تلق رواجاً كغيرها من القصائد فظلت محدودة الانتشار بالرغم مما انطوت عليه في مجال اللحن والأداء.
المسلسل الدرامي
الروائي عماد نداف تناول حديثه عن “نزار قباني في الدراما” فبدأ مسلسله بخلافات كبيرة وصلت إلى وسائل الإعلام والقضاء، ليكون له كلمة الفصل بالرغم من أنَّه كتب نصَّه الأديب قمر الزمان علوش وأخرجه باسل الخطيب، وكان من إنتاج شركة الشرق لنبيل طعمة، حيث تشير وجهة نظره بأنَّ نزار ليس ملكاً لآل القباني، وبالاستناد إلى المادة الوثائقية يمكن الاسترسال والتخيُّل بصرياً للشخصية حول كيفية عرضها أمام الجمهور، فأقنع القضاء بموقفه ليكون نهاية المطاف لمصلحة العمل الدرامي، لافتاً إلى نجاح المسلسل في عرض السيرة الذاتية له أكثر من جدِّه أبو خليل القباني وجبران خليل جبران ومحمود درويش، وما لاقاه من انتقادات كثيرة لأنه قامة كبيرة.
وأشار النداف إلى أنَّ المخرج اشتغل وفق آلية خاصة، فكان لديه طموح كي يكون مشروعاً سينمائياً بدلاً من الاكتفاء بعرضه على الشاشة الفضيَّة، واعتمد على تأطير لغة السينما فنجح بانتقاء الممثلين ولعب دور نزار قباني في الدراما الطفل مجيد الخطيب نجل المخرج، وأدّى مرحلة الشباب بجدارة تيم حسن الوسيم والساحر، أمَّا الكهولة فكانت من نصيب الممثل سلوم حداد، قدمها بسويَّة ملحميَّة دراميَّة عالية، وتمكَّن الكاتب قمر الزمان علوش من تأجيج أحداث العمل الدرامي لشخصية شفافة قبل أن يكون شاعراً.
ثم أردفت بسمة الشيخ إحدى أعضاء النادي، متحدثة بأنَّ أسلوب نزار سهل وسلس تناول دمشق كمحبوبة في أشعاره بأشجارها وحاراتها ودروبها وأزقتها، ولم ينسَ بيوتها وأسلوب العيش فيها، بياسمينها المُعرِّش على الجدران وشمشيرها، بينما كان لعائلته دورٌ كبيرٌ وحظٌّ في أشعاره خصَّصها لأمِّه وأبيه، مشيرةً إلى أنَّ نصوصه يمكن تقديمها لمرحلة الطفولة المبكّرة بأسلوب حواري وتكون لتحريك الإدراك الحسي بالصورة لدى الطفل بينما تُخصّص للطفولة المتأخِّرة مقاطع من قصائده في الكتب المدرسية.
عشق نزار
بينما كان لأحمد الأحمد- من ذوي الهمم- دورٌ في الأمسية باعتباره يدرس الحقوق والإعلام معاً فقال: إنّه عشق نزار الياسمين وعلَّمه الرسم بالكلمات، وفتح إسبانيا بشعره. كتب للشهداء فكان شعره سجادتين تُفرشان أمامه، ما حرَّضه على كتابة الشعر والانتماء والحب وأنهار من النعناع والشمشير والزعتر.
الطفلة جنى بكر- من الروَّاد في منظمة الطلائع في مجال الإعلام- خطَّت يمينها عن الشاعر تقول: إنَّ نزار كان له مدرسة شعرية خاصة به، فتميز بأسلوبٍ بسيط عميق التنوّع والرموز والصور الشعرية، وكتب العديد من الموضوعات الوجدانية والوطنية، ولم ينسَ القضية الفلسطينية والتمسُّك بها.