هذه المرة إعفاء مسؤول لضعف الأداء وليس لانتهاء مساره الزمني الوظيفي كما اعتدنا أن نقرأ في الآونة الأخيرة عن إنهاء عمل هذا المدير أو ذاك بعد تجاوزه الفترة الزمنية المعطاة ضمن برنامج الإصلاح الإداري.
ولو عدنا بالذاكرة إلى السنوات القليلة الماضية وفي حوار لجريدة “الثورة” مع رئيس الحكومة السابق سألته حينها أن حكومته تسجل أكبر حركة إعفاء وتغيير لمدراء عامين ومعاوني وزراء تجاوزت المائة، فهل كانت تلك الإعفاءات لمجرد التغيير أم كان هناك خلل وهدر للمال العام وفساد مثبت فكان جوابه أنه لم يصدر قرار بخصوص إعفاء شخص وتعيين آخر إلا بناءً على تقارير موثقة بفساده وأن عملية الاختيار تقوم على معايير محددة.
بالتأكيد هذا الكلام جميل لو تم بالفعل محاسبة المقصر والفاسد أو الذي يسمح بالفساد وليس الاكتفاء بمجرد إقالته، وهذه أسئلة مشروعة يطرحها المواطن حول محاسبة الفاسدين الذين وصلوا بفسادهم لدرجة الوقاحة من دون أي رادع مستغلين ظروف البلد وحاجة الناس.
قد يقول أحدهم إن المحاسبة قد بدأت بالفعل والأمثلة كثيرة وهناك الكثير من الملفات التي يجري التحقيق فيها حالياً ولن تستثني أحداً مهما كان، فنحن نقرأ ونسمع يومياً عن حالات فساد كبرى في العديد من المؤسسات وخاصة تلك التي على تماس مباشر مع المواطن.
والسؤال لماذا لم نستطع إيجاد آلية للحد من الفساد والتصدي لهذه الظاهرة التي خسرت الدولة والمواطن المليارات من الليرات كانت يجب أن تذهب لتحسين الوضع المعيشي و الاقتصادي؟
قد تتعدد الإجابات لكن يبقى الجواب الوحيد أننا بحاجة إلى رؤية شاملة تنطلق من معالجة البنى الإدارية المتكلسة، فالمسألة ليست في تغيير الأشخاص بقدر ما هي بتغيير العقليات ووجود إرادة حقيقية للبدء بالفعل بالمحاسبة لمن يهدر المال العام وإغلاق قنوات الفساد الكثيرة لاسيما في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.