الثورة _ حوار – بتول عبدو:
السياحة كانت أول القطاعات المتضررة من الحرب وهي آخر من ستتعافى في مرحلة إعادة رسم خارطة لهذه الرافعة الاقتصادية.. هكذا يقولون بلغة الاقتصاد- وهذه الخارطة تحتاج إلى أفكار خلاقة يصنعها مبدعون، فإعادة الألق إلى السياحة السورية ليس مجرد تمنيات.
وحتى نكون متفائلين، مثل وزير السياحة، بغد سياحي أفضل، علينا العمل للمرحلة المقبلة، بحيث يكون هذا القطاع قطباً رئيسياً ورافداً هاماً لخزينة الدولة، وقاطرة نمو للاقتصاد الوطني تماماً مثلماً كان قبل الحرب على سورية.
السياحة السورية كانت قبل الحرب تمثل ثقلاً في الاقتصاد الكلي، وكانت الإيرادات السياحية تدفع بمؤشرات النمو نحو الأعلى، ولذلك كان الحديث عن واقعها بغيرية تصل أحياناً إلى حد أن الناس العاديين يشعرون بأهمية تلك الإيرادات عليهم وعلى حياتهم المعيشية، فكم من فرص عمل وفرتها السياحة إن كانت بشكل موسمي أو بشكل دائم.
اليوم أحوج ما نكون في قطاع السياحة إلى الابتكار للتغلب على المفاعيل السلبية للحرب، ومنها على سبيل المثال لا الحصر أن نحفز المال الوطني على الاستثمار في هذا القطاع.
حاولنا في هذا اللقاء مع وزير السياحة أن نلقي الضوء على أرقام تتعلق بعدد السياح وأرباح المنشآت السياحية العائدة للوزارة، والمشاريع السياحية المتعثرة، وفرص العمل التي وفرتها وإيراداتها وحجم مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي.. فكان لقاء يتسم بالإيجابية والوضوح لمعرفة كل ما يتعلق بهذا القطاع الحيوي والهام..
كشف وزير السياحة رامي مارتيني أن عائدات الفنادق التي تعود ملكيتها لوزارة السياحة لغاية أيلول من العام الحالي، وصلت إلى بما يُقارب 90.5 مليار ليرة سورية، بنسبة ربح 33,5 مليار ليرة، في حين بلغ حجم الأعمال الإجمالية المحققة للشركات التي تساهم بها الوزارة 98 مليار ليرة سورية، توزعت ما بين الشركة السورية للنقل والسياحة، والتي يقدر رقم الأعمال لديها بـ 11 مليار ليرة، والشركة السورية العربية للفنادق والسياحة يقدر رقم الأعمال ما يقارب 12 ملياراً، والشركة السورية السعودية للاستثمارات السياحية يقدر رقم الأعمال ما يقارب 75 مليار ليرة سورية.
1,760 مليون قادم حتى الشهر الماضي
وفي سياق متصل ذكر مارتيني أن عدد القادمين حتى نهاية الشهر العاشر من العام الحالي، بلغ 1,760 مليون قادم، 1,548 مليون منهم من العرب، و212 ألف قادم من الأجانب، وقد زار المواقع المقدسة 182 ألف زائر، بعدد ليالي مليون و168 ليلة فندقية، كما بلغ عدد السوريون الذين قدموا إلى البلد بنفس الفترة من هذا العام مليوناً و897 قادماً، بالمقابل بلغ عدد النزلاء العرب والأجانب لنفس الفترة 287 ألف نزيل قضوا خلالها مليوناً و427 ليلة فندقية، في حين بلغ عدد النزلاء السوريين حوالى 824 ألف نزيل، مع العلم أن سورية كان يزورها 10 ملايين زائر، منهم 4 ملايين سائح في عام 2010.
وقال مارتيني: إن تداعيات الزلزال والحرب على غزة من قبل كيان الصهيوني أثرت على قطاع السياحة في المنطقة ككل، حيث كان من الممكن أن يصل عدد الزوار إلى 2.4 ملايين زائر، أي ما يقارب 900 ألف سائح، وبكل الأحوال سنتجاوز مليوني زائر حتى نهاية هذا العام، أي بزيادة 25% عن العام الماضي.
41 عقداً لمشاريع متوقفة
وحول المشاريع المتعثرة لوزارة السياحة، بين الوزير أن هناك 41 عقداً لمشاريع متوقفة، منها يعود لما قبل الحرب على سورية، ومنها تعثر بسبب الحرب, إلا أننا استطعنا إعادة ٢٨ مشروعاً للتوازن العقدي، وهناك 8 مشاريع سياحية هامة في دمشق يتم إنجازها حالياً، كمشروع الياسمين بمدخل مدينة دمشق، والذي كان يسمى روتانا، حيث سيقلع في العام القادم بعد توقف عشر سنوات، وكذلك مشروع السميراميس وهو مشروع كان متعثراً وسيتم افتتاحه في ربيع العام 2024، وفندق المعلمين “جولدن المزة” والذي بقي متعثراً لمدة ثماني سنوات، وهو من الفنادق الجيدة التي دخلت الخدمة العام الماضي، وأضافت ميزة سياحية لمدينة دمشق.
وكذلك مقهى الحجاز الذي فسخنا عقده، وأعدنا إعلانه للاستثمار وتصل نسبة الإنجاز حالياً إلى 50% والذي يعد علامة سياحية، إضافة إلى مشروع يلبغا، الذي كان متوقفاً منذ من عام 1984، واليوم أصبح له عقد استثمار جديد، وقد وصلت نسبة الإنجاز فيه إلى 30% من مرحلة التوقف، وافتتح فيه أسواق تجارية، واليوم الفندق قيد الإنجاز وسيفتتح العام القادم، والمشروع على مراحل.
إضافة إلى مشروع كراج الحجز القديم بجانب فندق الفور سيزن، وهو متعاقد عليه منذ عام 2006، ومنذ عام باشرنا العمل به، ووصلت نسبة الإنجاز فيه 15%، وكذلك مشروع الموفمبيك جانب مبنى مجلس الوزراء، وهو متوقف منذ عام 2011، والعمل الآن يسير بالمشروع، وسيتم افتتاحه خلال الفترة القادمة، إضافة إلى مشروع خان أسعد باشا الشهير، وهو مشروع متعثر منذ عام 2009 وسيتم افتتاحه عام 2024.. كل هذه المشاريع أعدنا التوازن العقدي لها، إضافة إلى عشرات المشاريع في المحافظات.
وسيتم قريباً وضع حجر الأساس لفندق القلعة “الكارلتون” سابقاً، بعد أن تم منذ أيام افتتاح فندق مبنى الخدمات الفنية التراثي، والذي يعتبر رسالة استثمارية هامة لعملية إعادة الإعمار بعد أن تم تدميره من قبل العصابات الإرهابية، لافتاً إلى أن ما يشاد اليوم بمجال السياحة أضعاف ما كان يشاد قبل الحرب على سورية نتيجة الثقة بقطاع السياحة.
السياحة الشعبية بأسعار مخفضة
وأشار مارتيني إلى ما تقدمه وزارة السياحة والحكومة لدعم قطاع السياحة والذي كان يساهم بنسبة 11% من الناتج المحلي الإجمالي قبل الحرب على سورية، وبالتالي هو مورد هام لخزينة الدولة وتحديداً للقطع الأجنبي، خاصة أن القطاع السياحي يسهم من خلال الضرائب التي يدفعها كإيرادات للخزينة، كون قطاع السياحة هو أول من قام بعملية الربط الالكتروني لمنشآته لدفع الضرائب المترتبة عليه بنسبة من الدخل، مع العلم أن الفوائض التي تم تحقيقها لمصلحة الخزينة تجاوزت كنسبة وسطية سنويا الـ ٥٠ مليار ليرة نتيجة إعادة توزان العقود.
وبالنسبة للسياحة الشعبية، أوضح أنها مسؤولية الوحدات الإدارية والمنظمات الشعبية والنقابات والوزارة مسؤولة فقط عن القطاع السياحي المصنف سياحياً، وقد أشادت الشركة السورية للنقل والسياحة تسعة مشاريع مخصصة للسياحة الشعبية، ولتاريخه الدخول إلى شاطئ الكرنك ووادي قنديل ولابلاج، ومسبح الشعب في اللاذقية، والشريحة E، وشاطئ الأحلام في طرطوس تصل تسعيرة الدخول إليهم 2000 ليرة سورية، والأطفال مجاناً، أما الخدمات الإضافية غير إلزامية.
شاليهات جديدة العام القادم
وتابع.. أنه تمت إشادة فندق مخصص لقطاع السياحة مخفض التكاليف في وادي قنديل في شاطئ الكرنك مجهز بـ 30 غرفة فندقية، كل غرفة هي عبارة عن شاليه مصغر، وأسعارها محددة بفئة النجمتين B وهي أرخص شريحة، وهي مصنعة من الخشب، ومزودة بالتكييف والماء الساخن والخدمات، وتتسع لأربع أسرة أو خمس، وتبدأ الأسعار من 70 ألف ليرة لليوم الواحد، والجديد العام القادم إشادة شاليهات جديدة تضاف إلى القائمة حالياً مجهزة بكل وسائل الراحة.
ودعا وزير السياحة المنظمات الشعبية والنقابات والوحدات الإدارية والمستثمرين للمساهمة في هذا القطاع، كونه قطاعاً رابحاً، لكنه بسعر محدد، لأن وزارة السياحة ليس مهمتها بالسياحة الشعبة، كون عملها الأساسي طرح المشاريع للاستثمار السياحي لرفد الخزينة بإيرادات مجزية.
ولفت مارتيني إلى دور قطاع النقل السياحي من خلال شركة الكرنك التي أعيد تأهيلها لتقديم خدمات النقل للسياح، واليوم لنقل المسافرين إلى المطارات بسعر التكلفة لتخفيف العبء عن المواطنين.
الوزير بشر الزملاء الصحفيين بحسم خاص ومجدٍ لهم بمنشآت السياحة الشعبية العائدة للوزارة، مستثنياً شهر آب وفترة العيدين، والمنشآت الأخرى ذات الخمس نجوم بحسومات “ماشي حالها”.
مشروع تنموي
وتحدث عن مشروع الحاضنة التراثية بدمر الخاص بالحرفيين الذي نستوعب فيه ٤٥% من شيوخ الكار وحرف تدريبية وقاعات للتدريب، ونقل المعرفة من جيل إلى جيل، وسيتم افتتاحها في النصف الثاني من الشهر الجاري، وهذا مشروع تنموي مهم جداً نتشارك فيه مع الأمانة السورية للتنمية ووزارتي الثقافة والصناعة التي تمتلك المكان، وهو مشروع هام جداً كونه يقدم خدمة للحرفيين المهرة 0للحفاظ على تلك المهن العريقة.
بوادر للسوق الصيني
ونوه إلى السياحة الدينية والثقافية، حيث كان هناك ٢٥٠ ألف زائر عراقي وبحريني وباكستاني جاؤوا لزيارة المواقع الثقافة والدينية.
وقال مارتيني: إنه تم عقد عدد من الاتفاقيات مع إيران سيتم تفعليها بالشأن السياحي وخاصة السياحة الدينية، كما نستهدف اليوم السوق الروسية، وهناك بوادر للسوق الصيني، فقد بدأت مجموعات منظمة من الصين تزور سورية، خاصة بعد الزيارة التاريخية للرئيس بشار الأسد والسيدة الأولى لجمهورية الصين الشعبية.
وأشار إلى أن هناك مجموعات سياحية أوروبية جاءت إلى سورية من دون أي دعوة، بالرغم من أننا وجهنا دعوات لأصدقائنا لزيارة سورية، إلا أن تلك الوفود السياحية الأوروبية جاءت على نفقتهم الخاصة، وسجلوا مشاهدات للمعالم السياحية والتراثية، وتداولوها على مواقع التواصل وصفحاتهم، وحققت ملايين المشاهدات.
الوزير أبدى تفاؤله بالقطاع السياحي ومستقبل السياحة في سورية، والمؤشرات الأولية للاستثمار السياحي الحالية جيدة.. بل ممتازة- على حد تعبيره، وهذا يدل على حجم الثقة الكبيرة بسورية وبالاقتصاد السوري وتحديداً قطاع السياحة، كوننا نعمل على بناء صحيح يؤدي لنتائج صحيحة كبنية عمرانية.
14 ألف طالب وطالبة بالتعليم السياحي
وذكر أن وزارة السياحة تمتلك١٧ مدرسة و٨ معاهد فندقية و36 مركزاً تدريبياً، من بينهم مركز دمر الشهير وأربع كليات سياحة، وتم إحداث كلية سياحة تطبيقية، وهناك 14 ألف طالب وطالبة في قطاع التعليم السياحي سينخرطون في سوق العمل بعد التخرج، منوهاً بأن أي مشروع سياحي يتم افتتاحه يحقق نحو ٣٠٠ أو ٤٠٠ فرصة عمل، ومثال على ذلك منتجع شاهين السياحي الذي تم افتتاحه في العام 2021 في طرطوس، فقد تم تأمين٩٨٠ فرصة عمل بفترة الذروة، وهذا بحد ذاته مثال عن إيماننا بمستقبل سياحي مزدهر.