الثورة أون لاين: في كتابه التراث في جيرود الصادر عن الهيئة العامة السورية للكتاب يبدأ محمود محفوظ سمور بتعريف مصطلحاته التي يتناولها كثيراً بين صفحات الكتاب فيقول إن التراث الشعبي هو المأثورات المادية والروحية الشعبية المتوارثة بشكل مستمر من السلف إلى الخلف وهو موروث جمعي يتعلق بالبشر وطرق اتصالهم ببعضهم.
وتبدأ فصول الكتاب بالحديث عن المساكن القديمة من حيث مواصفاتها وخصائصها في مدينة جيرود الواقعة في جبال القلمون بريف دمشق حيث يصف هذه المباني بأنها تتوضع على الضفة اليمنى لقناة جيرود العامة حيث كان الناس دائماً يفضلون القرب من القناة من أجل الحصول على المياه.
ويشرح الكاتب طبيعة المواد الأولية المستخدمة في البناء وملاءمتها للمناخ ولطبيعة حياة الفلاح متناولاً دور اللبن والخشب في العزل الحراري للمنازل وإمكانياتها في درء تقلبات درجات الحرارة بالإضافة إلى دور هذه المواد التراثي التقليدي لاقترابها من مكونات الطبيعة.
وفي معرض الحديث عن البناء يتناول الكتاب موضوع المباني الدينية في المدينة والتي تتمثل في عدد من الأضرحة لمجموعة من الشيوخ وأصحاب الطرق الصوفية بالإضافة إلى المساجد.
وفي فصل المعارف الصناعية يناقش الكتاب موضوع الصناعة في المدينة ويبدأ بتصنيع الأشنان والقلي والدبس وأجران القهوة المرة مستعرضاً مجموعة من الحرف النسائية المشهورة في المدينة مثل العجن والخبز على التنور وغزل الصوف والوبر.
ويفرد الكاتب الكثير من الصفحات للحديث عن الفلاح وهو الموضوع الرئيسي في الكتاب على اعتبار أن معظم سكان منطقة جيرود كانوا يتعاطون الفلاحة والزراعة بنوعيها السقوية والبعلية وفي تربية المواشي والحيوانات كما أن عملهم بالزراعة كان يتسم بالموسمية حيث يتم الحرث والزرع وجمع المحاصيل بمواسم معينة مقابل شهور فراغ وسبات.
ويستعرض الكتاب يوميات الفلاح في الصيف متحدثاً عن يوم الحصاد الذي يبدأ في الصباح الباكر ويتم تحت الشمس الحارقة ويتميز بصعوبة العمل ولكن الفلاح يتجاوز الصعوبة بالأغاني الحماسية والأحاديث المشوقة والحكايات.
وفي الشتاء أيضاً للفلاح يوم ذو ميزات كثيرة خاصة إذا ما استيقظ وشاهد المطر إلا أن يوم الشتاء أقل جهداً وأكثر حضوراً لجلسات الرجال والأحاديث والحكايات ومناقشة مواضيع الزراعة والمواسم والعمل الجماعي.
ويستعرض الكتاب لباس المنطقة بأشكاله كافة ومكوناته مستشهداً بالصور ومفصلاً في أنواع الزنارية أو البشت والعباءة والمزوية والثوب والطربوش والصدرية والشال والشروال ثم ينتقل إلى الطعام المستمد أغلبه مما تنتجه المنطقة والمعتمد على المواد التموينية التي يخزنها الأهالي وهي معظمها مأكولات دارجة في الكثير من المدن والأرياف السورية.
ويتناول الكاتب موضوع العادات والتقاليد الممارسة في الأفراح والأتراح في جيرود فيحكي عن العرس الشعبي ومتطلبات العروس وتفاصيل تجهيز المنزل والحفل والأغاني والدبكات بالإضافة إلى تقاليد التعازي.
ولا يغفل الكتاب مسألة الأمثال الشعبية السائدة في جيرود مقدماً مفهومها العام ودلالاتها ومصطلحاتها وتناولها لمختلف مناحي الحياة كالأسرة والجوار والأمانة والخيانة والكسل والعمل والبخل والحب والقناعة والنظافة وسواها.
ويختتم الكتاب بالحديث عن الأساطير والخرافات السائدة في جيرود ومنشئها واشهر حوادثها ومتحدثيها ثم يسرد مجموعة من الأغاني الدارجة في المنطقة والتي تاخذ طابعاً شعبياً للغاية.