تدخل الهدنة في قطاع غزة يومها الثاني مع ترقب وحذر من قيام كيان الاحتلال الإسرائيلي باختراقها بعد قيامه بمداهمة منازل الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم في الضفة الغربية بعد ساعات من الإفراج عنهم.
إن القبول الإسرائيلي بهدنة الأربعة أيام لم يأت فقط لتلبية ضغوط غربية والإفراج عن عدد من الأسرى الإسرائيليين بل جاء أيضاً وفقاً لتقارير إسرائيلية استجابة لمطالب قادة قوات الاحتلال المقتحمة لقطاع غزة التي واجهت مقاومة شرسة وتكبدت خسائر كبيرة دون أن تحقق أياً من الأهداف التي دخلت من أجلها وهي الإفراج عن جميع الأسرى الإسرائيليين والقضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين من شمال القطاع.
لا شك أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب عن سابق إصرار جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة أدت إلى استشهاد 14 ألفاً و532 فلسطينياً غالبيتهم من الأطفال والنساء والشيوخ وإصابة الآلاف أيضاً إضافة إلى تدمير واسع وكبير لأحياء سكنية في استهداف ممنهج هدف إلى تهجير الفلسطينيين من شمال قطاع غزة إلى جنوبها.
منذ اليوم الأول للهدنة عاد الآلاف من الفلسطينيين الذي غادروا منازلهم جراء العدوان الإسرائيلي في شمال القطاع إلى منازلهم وبالتالي خسرت اسرئيل هذا الشرط ويبقى كل ما حققته هو التدمير والإبادة الجماعية والتي لاقت استنكاراً عالمياً غير مسبوق وخاصة في الرأي العام.
بالمقابل استطاعت المقاومة الفلسطينية الصمود وتكبيد العدو خسائر كبيرة وكذلك تحقيق هدفها بمبادلة الأسرى لديها من المستوطنين مع المعتقلين الفلسطينيين في المعتقلات الإسرائيلية إضافة إلى إدخال المساعدات الإنسانية والمفاوضات لا زالت مستمرة حيث تصر المقاومة الفلسطينية على رفع الحصار الجائر على قطاع غزة منذ أكثر من عقدين من الزمن.
إن تهديد الحكومة الإسرائيلية باستئناف العدوان على القطاع مع نهاية الهدنة يندرج في إطار محاولتها الضغط على المقاومة والمفاوضين وإرضاء المستوطنين الذين يتهمون هذه الحكومة بالتقصير وتوريط القوات الإسرائيلية في معركة خاسرة بكل الاتجاهات.
تدرك المقاومة الفلسطينية أبعاد التهديدات الإسرائيلية وتأخذها في الحسبان وستتيح لها الهدنة معرفة مواقع تمركز القوات الإسرائيلية في القطاع وبالتالي سهولة التعامل معها في حال تجددت المعركة ولكنها في نفس الوقت تعمل عبر المفاوضات غير المباشرة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي إلى استكمال تحقيق الأهداف التي وضعتها منذ البداية وهي فك الحصار عن قطاع غزة وإطلاق جميع الأسرى المعتقلين الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال.
تصب تصريحات الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة التي أعلن رئيسها جو بايدن دعمه لقيام دولة فلسطينية وبريطانيا التي أكد رئيس وزرائها ريشي سواناك على دعم بلاده تحويل الهدنة لوقف إطلاق النار ومفاوضات سياسية في مسار إخراج كيان الاحتلال من تداعيات فشله في تحقيق أهداف عدوانه على قطاع غزة وبالتالي تبقى التهديدات الإسرائيلية باستئناف العدوان على القطاع بعد يومين مجرد تصريحات لا تتسق مع الواقع على وفي أروقة الدول الفاعلة دولياً.
إن التزام كيان الاحتلال الإسرائيلي بالهدنة خلال اليومين القادمين والتزامه بتفاصيل تبادل أسراه بالمعتقلين الفلسطينيين لديه سيكون له دور مهم في تمديد الهدنة من عدمه وخاصة في ظل التزام المقاومة بتعهداتها وكل ما يصدر حتى اليوم من تصريحات إقليمية ودولية تصب في سياق دعم تمديد الهدنة وصولاً إلى إيقاف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة مقابل فتح طاولة سياسية تطرح فيها المقاومة طلباتها القريبة والبعيدة لإيجاد حل للصراع العربي الصهيوني واستعادة الحقوق العربية والفلسطينية.
