تعتبر سورية مركزاً لأقدم الحضارات على وجه الأرض كما دلت الاكتشافات الأثرية و التي يعود بعضها إلى ما يزيد عن ثمانية آلاف سنة قبل الميلاد حيث لا تخلو منطقة فيها من موقع أثري وقد تم تسجيل أكثر من 4500 موقع أثري مهم.
بتعاقب الغزوات والحروب على سورية تم نهب قسم كبير من أثار سورية ولا سيما على زمن الاحتلالين التركي والفرنسي وكذلك الأمر على أيدي المجموعات الإرهابية المسلحة في أيامنا الحالية، ولكن رغم ذلك ما زال هناك الكثير من الآثار والشواهد التاريخية على تعاقب الحضارات مدفون تحت الأرض و يتعرض للسرقة بأشكال مختلفة.
القوانين هي الأساس في الحفاظ على الآثار وحمايتها، وفي كل دول العالم تعتبر الآثار ملكية ثقافية للدولة ومادية لصاحب الأرض، يعني أي شخص يجد قطعة أثرية يسلمها للدولة ويقبض ثمنها بإجراءات بسيطة لا تتجاوز ملء بعض البيانات وهذا يشجع الحفاظ على الآثار، أما في حالتنا السورية فالأمر مختلف وهذا نلمسه في كثير من القرى إذ تشاهد أحجار كبيرة مزخرفة وعليها نقوش مبنية ضمن بعض الجدران و “الرعوش”وعندما تسأل صاحب المنزل أو الأرض عنها يقول : “الله يخليك لا ينقصنا أن تضع الدولة يدها على الأرض، ولسنا بحاجة إلى سين وجيم” ، نعم هكذا يتم التعامل مع أي شخص يجد قطعة أثرية في أرضه، يُمنع من استثمار الأرض، وتضع الآثار يدها على الأرض ويخضع الشخص لاستجوابات ومراجعات وتطاله تُهم لا يحبها أحد، وعلى مبدأ “خليني” بعيد يتم دفن لقى أثرية وقطع أثرية بالمنطق قيمتها المادية قليلة ولكن قيمتها الثقافية والتاريخية كبيرة جدا.
هناك كثير من المواقع التي تم منع التصرف بها من ماليكيها، وكذلك الآثار لم تحرك ساكنا ولم تحسم الأمر، والحال كذلك ينطبق على بعض الأسواق التي بدأت تتهاوى على رؤوس قاطنيها دون السماح لهم بالترميم، هذا التعامل أفقدنا الكثير من شواهد تاريخنا والحضارات المتعاقبة، وتم التعامل معها على أنها أحجار جهلاً بقيمتها التاريخية وخوفاً من خسارة الأرض وخوض معركة الدفاع عن النفس.