الثورة – مها دياب:
تبدأ مخاوف الأهل والطلاب بالازدياد لحظة الانتقال من مرحلة دراسية إلى أخرى، وخاصة من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية، ويعزى ذلك بطبيعة الحال إلى صعوبة وكثافة المنهاج الدراسي، والذي يتطلب الكثير من التعب والجهد والمصاريف، بالإضافة إلى التغيرات الجسدية والنفسية التي ترافق الانتقال من مرحلة الطفولة إلى مرحلة المراهقة والتي يواجه فيها الأهل الكثير من المتاعب لاحتواء تلك التغيرات.
عالم غريب..
بعد مرور ما يقارب الشهرين والنصف على بدء العام الدراسي، لا تزال هواجس الطلاب الذين انتقلوا إلى المرحلة الإعدادية (طلاب الصف السابع) حاضرة وموجودة، حيث تقاطعت آراؤهم عند الخوف من هذه المرحلة الدراسية الجديدة التي تختلف كلياً عن سابقتها.
سارة، وماريا، وشام، ولانا، ومريم، وآمنة، ساري، وفؤاد، وصديق، وعبد الله، وقداح، ومحمد، وطه، طالبات وطلاب من الصف السابع في إعدادية الشهيد جوزيف أبو زيدان، عبروا خلال حديثهم لـ “الثورة” عن خوفهم وتوترهم الدائم بسبب المواد الدراسية الكثيرة والصعبة والمتشعبة- حسب رأيهم، ومنها الفيزياء وعلم الأحياء والرياضيات، وبسبب وجود عدة مدرسين أي مدرس لكل مادة، ولكل مدرس طبعه وأسلوبه في التدريس والشرح وتقديم المادة، وهو ما أدى برأيهم إلى مضاعفة خوفهم وتوترهم وضغطهم النفسي.
وتحدث الطلاب بشكل عام أيضاً عن وجود بعض المتنمرين والمشاغبين الذين يفتعلون الفوضى والقلق داخل الصف وأثناء الفرصة ما يزيد من توترهم وخوفهم.
الاعتماد على الذات..
لكن هواجس الخوف والتوتر لم تمنع طلاب وطالبات الصف السابع من التعبير عن سعادتهم لانتقالهم إلى مرحلة جديدة في حياتهم الدراسية، يبدؤون فيها التواصل مع زملائهم بوعي أكبر، وكذلك الاعتماد على أنفسهم بشكل أكثر بدءاً من الذهاب لوحدهم إلى المدرسة، ومروراً باتخاذهم أنماطاً جديدة من التفكير والاستقلالية، والقدرة على التواصل مع الإدارة والنقاش دون تردد أو خوف.
خوف مضاعف..
أما بالنسبة للأهل فلا تختلف الصورة كثيراً عن الأبناء، حيث أبدى الكثير من الأهالي خوفهم المضاعف على أبنائهم الذين انتقلوا إلى مرحلة دراسية وعمرية جديدة سوف يواجهون فيها الكثير من التحديات والصعوبات الدراسية، لجهة كثافة المنهاج وتناوله قضايا ومعلومات أكثر تشعباً ووضوحاً، وتعدد المدرسين، ناهيك عن الصعوبات العمرية جراء التغيرات الجسدية التي سوف تبدأ بالظهور على الأبناء في تلك المرحلة العمرية، كما عبروا عن خوفهم في طريقة التعامل معهم كأفراد مسؤولين، ولديهم نوع من التصرف واتخاذ القرار، أو كأطفال مراقبين ما يفقدهم الثقة بنفسهم.
تعزيز الثقة والحوار..
مدير مدرسة الشهيد جوزيف أبو زيدان الإعدادية نور رزق، أكدت أهمية الانتقال الآمن من المرحلة الابتدائية إلى المرحلة الإعدادية، وذلك من خلال تشجيع الطالب وتحميله المسؤولية في الصف وتأكيد ثقته بنفسه وتشجيعه على تكوين الصداقات والتعامل مع الآخرين باحترام ولطف مبينة أن السبب الرئيس وراء هواجس الطالب وخوفه من المرحلة الإعدادية، يعود لانتقاله من معلمة واحدة، إلى عدة معلمات ومعلمين، ولكل منهم طريقة في التدريس والتعامل مع الطلاب قد تكون صعبة ومحببة، وربما تكون عكس ذلك، وهنا يأتي دور المدرسة والمعلمين في جذب الطلاب وتبديد هواجسهم وخوفهم وكسر حواجز الخوف والرهبة لديهم.
وأضافت أن مخاوف وهواجس الطلاب سرعان ما تتبدد وتزول عندما يقوم المعلمون باحتواء طلابهم وبناء علاقات ثقة ومحبة واحترام معهم، مؤكدة أنه على الأغلب يتم تجاوز نسبة كبيرة من هذه المخاوف في الفصل الدراسي الثاني، والتفاعل والاندماج بشكل كبير من قبلهم.
التواصل مع الصف..
ولفتت رزق إلى أهمية دور الإدارة الكبير في التواصل مع الطلاب وحل مشكلاهم وتبديد مخاوفهم وخلق حوارات تعزز ثقتهم بأنفسهم وتمتين علاقاتهم بمدرسيهم، وتحاول بشكل دائم المتابعة عن قرب والدخول إلى الصفوف أثناء إعطاء الدروس بهدف حل المشكلات وتجاوز الخلل واحتواء وتبديد قلق الطلاب، سواء الخوف الذي مصدره المعلم أو الخوف الذي مصدره طالب ما، مؤكدة ضرورة خلق جو المحبة والاحترام والثقة بين الجميع.
الإرشاد النفسي
ونوهت بأن الإدارة تحاول دائماً مساعدة الطلبة من مستوى ضعيف أو متوسط من خلال المتابعة مع المدرسين والأهالي حتى الوصول إلى نتيجة مرضية، وأن المدرسة تحاول دائماً إجراء دورات مجانية للمواد العلمية في المدرسة من خلال تطوع عدد من المدرسين للقيام بذلك مجاناً وفي أوقات العطلة.
وبالنسبة للطلبة المشاغبين والعنيفين أوضحت أنه يتم التعامل معهم من قبل الإرشاد النفسي للوقوف على سبب سلوكهم ومساعدتهم ولحمايتهم من تصرفاتهم وذلك بالتنسيق مع ولي أمرهم ومحاولة توجيههم ومساعدتهم على ممارسة هواياتهم وبعض النشاطات الرياضية من أجل تفريغ طاقاتهم السلبية والعنيفة.
مجلس أولياء الأمور..
كما تتم دعوة مجلس أولياء الأمور حسب الحاجة، ويتم التواصل ويكون تشاركياً بين المدرسة والأهل لإيصال كل تغير بالمدرسة أو للمساعدة في حل القضايا الإشكالية أو السلوكية مع الطلاب، وتشير رزق إلى أن إدارة أي مدرسة إعدادية وغيرها تحتاج إلى جهد وتعب كبيرين إلى جانب القوة وكثير من الصبر والنشاط والقدرة على التعامل مع الأزمات والمشكلات بما يناسب أهداف المرحلة التعليمية، والقدرة على تنسيق وتوزيع مهمة العاملين في المدرسة، فالتعليم حسب رأيها مهنة إنسانية تشاركية هدفها بناء جيل واعٍ مثقف له مستقبل وناجح في الحياة.