في عالم الذكاء الصنعي البقاء في المكان سقوط مدوٍ للخلف.. “الهيئة العليا للبحث العلمي” حفر في الصخر لتكريس معادلة البحث والتطوير
الثورة – مرشد ملوك:
في كل مرة يكون اللقاء مع الدكتور مجد بالجمالي مدير الهيئة العليا للبحث العلمي، يأخذ الحديث مساحة مهمة حول واقعية الشغل في البحث العلمي أو ” البحث والتطوير” كأساس لوجود واستمرار أي عمل بشري، في ظل الظروف الاقتصادية والعسكرية التي تمر على البلاد، وتمتد تفاصيل الحديث حول الطرح الإعلامي لأهمية “البحث والتطوير” ومدى القبول العام من عامة الناس ومن المؤسسات المعنية للبحث العلمي والتطوير كأساس لاستمرار وتنافسية أي نشاط.
البيت الجامع..
من يتابع عمل هذه الهيئة البحثية التي أعطاها قانون عملها لأن تكون البيت الجامع الذي يلم الجهات البحثية في سورية، يلمس بالوقائع والأعمال الدور التي تقوم فيه، رغم كل الظروف التي تمر على البلاد، سواء من معوقات لوجستية في إنجاز العمل أو “المود العام” غير المهيأ لأن يتقبل اتجاهات عامة في البحث العلمي وفق ما كان متوقعاً، لكن إرادة العمل التي جسدها الدكتور الجمالي وفريق عمله الذي لا يتعدى عدد الأصابع الواحدة داخل الهيئة قلب المعادلة وقدم دروساً تستحق الدراسة – في خطاب الرأي العام – من خلال الدخول بقوة على الشريحة الشابة والخبيرة المبدعة السورية في الداخل والخارج.
من يتابع صفحة التواصل الاجتماعي الرسمية للهيئة العليا للبحث العلمي يستفزه النشاط المكثف لهذه الهيئة بدون ضجيج التناقضات الذي يقوم في كثير من الأحيان بين الجهات العامة. وهنا اسمحوا لي بهذا الطرح الإعلامي الدخول والتدليل على المكونات الأساسية لمشروع البحث العلمي الذي تخطه هيئة البحث العليا في سورية.
حبل ود علمي..
أولاً: استمر مؤتمر الباحثين والمغتربين السوريين في الخارج والداخل على مدى السنوات الماضية كحالة سورية علمية اقتصادية واجتماعية وعاطفية جسدت الروابط والجسور العلمية والعاطفية بين السوريين في الداخل والخارج، من خلال التواصل الفيزيائي والافتراضي بين الباحثين السوريين في الداخل وفي كل أصقاع العالم دون استثناء من الولايات المتحدة الأمريكية إلى أصغر دولة في العالم يتواجد فيها باحث ودارس سوري، استمر في عرض الإبداع السوري وأساليب الاستفادة الوطنية من هذا العمل.
التقى الباحثون السوريون والإعلاميون في الداخل مع باحثين سوريين في الخارج بعرض الإبداعات السورية الداخلية والخارجية في لوحة قدمت الوجه الحقيقي للسوري فوق كل الظروف التي عشناها ونعيشها وهي ليست من صنع أيدينا، بل كانت مما صنعه وموله أعداء الإنسانية لأن سورية هي الوجه المضيء أساساً لهذا الوجه الإنساني المبدع.
التقينا كإعلاميين في مؤتمر الباحثين مع شخصيات سورية في الخارج أبعدتنا عنها الظروف التي مرت على البلاد، لنؤكد أن كل النتاجات العلمية التي خرجت عن مؤتمرات الباحثين السوريين في محفظة علمية لدى هيئة البحث العلمي وتعمل على استفادة الجهات العامة والخاصة منها من خلال برامج عمل وطنية سأتحدث عنها في هذه الورقة وهذا هو بيت القصيد.
بين الهيئة والجهات..
ثانياً: عملت الهيئة العليا للبحث العلمي – بجهود مضنية – على تأسيس “دوائر البحث والتطوير” في الجهات العامة من وزارات وهيئات ومؤسسات وشركات، لربط الناتج العلمي – من الداخل والخارج – واستثماره اقتصادياً في الجهات العامة ولتحفيز ودعم قصة التطوير والإبداع في جهاتنا العامة، وقد أفرد المجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي الذي يتم عقده دورياً برئاسة رئيس مجلس الوزراء وبحضور وزارت الدولة وكافة تنظيمات جهات القطاع الخاص الاقتصادي والاجتماعي حيزاً واسعاً من نقاشه حول تمويل ودعم وحدات البحث والتطوير في الجهات العامة، الأمر الذي أعطى هذه الوحدات البعد الذي تشتغل عليه هيئة البحث العلمي، وهذه دعوة للقائمين على الجهات العامة وعلى مختلف المستويات لدعم هذا الرابط العلمي المهم – وحدات البحث والتطوير في الجهات العامة – مع هيئة العليا للبحث العلمي.
مشروع البحث..
ثالثاً: تعمل الهيئة العليا للبحث العلمي على إخراج مشروع قانون جديد لدعم وتحفيز البحث العلمي في سورية بالتعاون مع الهيئات والجهات البحثية وحتى منظمات البحث العلمي الموجودة في سورية، ويهدف المشروع إلى توصيف الباحث وتمويل الأبحاث وربط البحث بالاستثمار والاقتصاد وفق صيغ قانونية واقعية لربط البحث بالتطور الاقتصادي والاجتماعي في سورية.
مع الجامعات..
رابعاً: خلقت الهيئة روابط علمية واجتماعية مهمة مع كافة الجامعات السورية العامة والخاصة، ونفذت مؤخراً ورشة علمية بالتعاون مع جامعة حلب، والآن بصدد تنظيم ورشة علمية مع جامعة تشرين ومن خلال متابعة الصفحة الرسمية للهيئة نتابع العروض التي يقدمها الباحثون السوريون الشباب في جامعة تشرين في لوحة تعكس حقيقة المجتمع العلمي السوري.
المجلة..
خامساً: أصدرت الهيئة العليا للبحث العلمي من قرابة العام مجلة الإبداع والابتكار الالكترونية، وهي اليوم بوابة علمية وفكرية مهمة لعرض الإبداع السوري في الاقتصاد والمجتمع والبناء والتشييد والتقانات الحيوية والنانونية والرقمية والأمن السيبراني…. وغيرها من الأبحاث التي يقدمها السوريون في الداخل والخارج.
بحوث ممولة..
سادساً: ولمن يرغب تنفذ الهيئة العليا للبحث العلمي برنامجاً سنوياً لتوقيع عقود تمويل لابحاث سورية في الاقتصاد والصناعة والبناء والتشييد والبيئة. وتعمل الهيئة على التشبيك والتنسيق وفق أعلى درجات المسؤولية بين الجهات البحثية السورية والتي يصل عددها إلى 14 هيئة ومؤسسة بحثية سورية. وأصدرت الهيئة دليل أخلاقيات البحث العلمي ومنه تجتمع اللجنة الوطنية لأخلاقيات البحث العلمي دورياً التي يمتد عملها إلى تحديات البحث والتطوير المحلي وتحديات الذكاء الصنعي على الحياة الاجتماعية والاقتصادية في سورية.
أتمنى ألا يكون العرض السابق فيه أي استفزاز، لكن أردت تقديمه لكي يستفيد من هذه الجهود أكبر قدر من المهتمين والباحثين، وأيضاً الجهات العامة التي تحتاج إلى هذه الخدمات، أضف إلى أن شريحة الباحثين الشباب لهم قسط كبير في نشاط البحث والتطوير وهذا ما كان جلياً في مؤتمر الباحثين السوريين في الداخل والمغترب.