حين وقفت أمام أحد الصرافات التجارية الزرقاء في البرامكة وأنا مفعم بالأمل وهممت بإدخال البطاقة كان الصراف ينتظرني وهو يخفي ضحكته محضّراً لي أحد مقالبه مع انقطاع الكهرباء التي يعلم بتوقيتها دون علمي بموعدها، وفجأة انقطع الأمل في الحصول على مبلغ ضئيل، بعد انقطاع التيار الكهربائي في لحظة إدخال البطاقة.
تبسم الصراف، بل ضحك ساخراُ وغادرت ابتسامته سريعاً، فوقفت محتاراً في الشارع، وطوابير الناس تتسابق للسرافيس، والنقل الداخلي غير آبهين بمصيبتي، غير أن شاباً متيقظاً بقربي صاح.. يا لها من مصيبة كبرى حلت بك يا صديقي وراح يوسوس في عقلي ويقول لي عند وصل الكهرباء سيلفظ الصراف بطاقتك وقد يحظى بها أحد المارة ويكتشف رقمك السري ويحصل المحظور، فتسمرت أمام الصراف بفعل وسواس ذلك الشاب، وصرخت نفسي في داخلي.. وا بطاقتاه.. طبعاً لم يسمعني الصراف النائم ولا المارة الذين يتسابقون لحجز دور لهم في رحلة الإياب من عمل يوم شاق وطويل.
بعد مرور ساعة من عمري أمام الصراف، عادت الحياة لأوصاله واستيقظ وتبسم في وجهي دون أن يلفظ بطاقتي، فقلت الحمد لله سيحفظها لي أمانة ليوم غد، وقبلته قبلة الوداع وغادرت وأنا أقول في نفسي لا ذنب له، فهو متأثر كما نتأثر نحن بالتقنين ولا حول له ولاقوه، يعتذر ويفارقنا ويموت سريرياً لحظة فصل التغذية عن أوردته الزرقاء، سامحه الله.
في اليوم التالي أسرعت مهرولاً بوسائط النقل العامة ووسائط نقلي الخاصة المتمثلة بقدمين رشيقتين نحو أقرب مركز أزرق من صراف الفنون الجميلة الذي ابتلع بطاقتي وتلذذ بدسامتها؟؟، واستقبلني الموظف بدماثة منقطعة النظير، وسار معي بكل محبة للصراف المذكور وأخرج لي بطاقتي من بطن الصراف الذي كان قد سرق بعض البطاقات مستغلاً غياب الكهرباء وسط العتمة، وهمس في أذني قائلاً حظك جيد لأن من ابتلع بطاقتك صراف ليس صينياً حديثاً، فالصرافات الصينية الحديثة لحظة وصل التيار تلفظ ما في بطنها للخارج، وقد يظفر بها أحدهم، وتدخل في دوامة إخراج بطاقة جديدة للحياة..، معلومة استفدت منها وعلّها تفيدكم، لذلك إذا ابتلع صراف جديد من النوع الصيني بطاقاتكم التجارية الزرقاء أو العقارية الصفراء فتسمروا مثلي أمامها حتى تعيد بطاقاتكم إليكم، وسيكون من المفيد لو وجد شاب يوسوس لكم بهذه الفكرة التي تصيب في حالة كان غريمكم صرافاً من النوع الصيني الجديد سواء كان عقارياً أو تجارياً… ودامت بطاقاتكم بخير……