الثورة- فؤاد مسعد:
بصوتها المعجون بروح الأصالة الفلسطينية، والحامل بين طياته ألم سنوات طويلة من التهجير القسري والاستبعاد والمعاناة، والحامل في الوقت نفسه الأمل بغدٍ تشرق فيه شمس الحرية، استطاعت حليمة الكسواني “أم العبد” البالغة من العمر 58 عاماً استقطاب الكثيرين عبر دندنتها لأهزوجة “شدّوا بعضكم يا أهل فلسطين” بعفوية وإحساس عالٍ ولتتحول الأهزوجة سريعاً إلى رمز فيرددها الصغير قبل الكبير، لأنها نابعة من قلب مُثقل بالجراح، تفاعلوا معها متأثرين بكلماتها ولحنها وطريقة أدائها وبصوت قادر على التغلغل إلى عمق الوجدان، لامرأة مُسنّة خطّت السنون على قسماتها خطوطها القاسية وتجاعيد تحكي كل منها قصة عشق لأرض مقدسة ونضال ضد مستعمر غاصب.
هي حكايات فلسطينية مغمّسة بالمرارة عن شعب تعرّض لأبشع أنواع العنصرية من عدو شرس غادر يقتات على الدماء والقتل والتدمير وتهجير أصحاب الأرض .
شدوا بعضكم يا أهل فلسطين.. شدوا بعضكم ما ودعتكم، رحلت فلسطين.. ما ودعتكم ع ورق صيني لكتب بالحبر .. ع ورق صيني يا فلسطيني، ع اللي جرى لك..
يا فلسطيني أهزوجة فلكلورية نضالية قديمة من أغاني التراث، تعبّر عن التصاق الإنسان بأرضه عاكسة في أحد أوجهها مفهوم المقاومة والانتماء والهوية، داعية إلى الوحدة والتكاتف والتعاضد ضد المحتل.
وقد سعت “أم العبد” التي غنتها إلى إيصال رسالتها من مخيم الزرقاء في الأردن حيث تقيم بعد أن هجرها الاحتلال الاسرائيلي من بلدتها بيتكسا الواقعة قرب القدس عام 8491 حين كان عمرها عشر سنوات بعد مجزرة دير ياسين، وعلى الرغم من أن الأهزوجة تم تداولها العام الماضي إلى أنها انتشرت بشكل واسع بعد الأحداث الدامية والحرب الهمجية التي شنت على غزة، فلامست الجراح وعبّرت بصدق عن صوت الكثيرين، لما تضمنته من معانٍ ترفع المعنويات وترص الصفوف، وتعكس الروح الفلسطينية الأصيلة.
حتى أنها كانت حاضرة في أمسية “إلى فلسطين” التي أحيتها الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية مؤخراً في دار الأسد للثقافة والفنون بقيادة المايسترو عدنان فتح الله الذي قام بإعدادها وتوزيعها، لتشكل تحية إلى فلسطين وشعبها المقاوم.