الثورة – إعداد ياسر حمزة:
كان الملل من صفوف الانتظار، وصعوبة الحصول على النقد في أي وقت من الأسباب الأكثر إزعاجاً لعملاء البنوك، حتى عقود قليلة خلت.
لكن جون شبرد بارن, الإداري في شركة “توماس دولارو” المعروفة بطباعة أوراق العملة وتصنيع المعدات المصرفية في بريطانيا, كان ذا تفكير عملي، وكان يؤلمه أن “لا تستطيع الحصول على نقد من حسابك في إجازة آخر الأسبوع!” كان شبرد على علاقة وثيقة بتقنيات طبع العملات، ثم عمل في نقل النقود بسيارات مجهزة خصيصاً لذلك وتحمل اسمه، وكان يعتقد أن خطوته التالية ستكون حُكماً في مجال صرف الأموال للعملاء، حالماً بتوفير النقد من خلال آلات تنتشر على الطرق.
وجاءت الفرصة الحاسمة حينما رتبت 90 ثانية فقط لشبرد لشرح فكرته للمدير العام لبنك “باركليز”, وعندما بدأ الحديث، بدا المدير وكأنه غير عابئ بالموضوع, وفي الثانية الخامسة والثمانين كمايقول شبرد، رد المدير بحزم: “إذا أمكنك عمل الجهاز الذي تحكي عنه فسأشتريه فوراً”.
وسرعان ماتم التعاقد على صنع ستة أجهزة للتجربة.. ثم أتبعت بخمسين جهازاً آخر. استغرق العمل عاماً كاملاً ليتحول الحلم إلى حقيقة.
ورُكِّب الجهاز الأول خارج أحد فروع باركليز في شمال لندن في يونيو 1967م ,وكان البنك قلقاً من ردود فعل الناس والبنوك الأخرى.
ولكن، خلال بضعة أسابيع فقط، ظهر جهاز آخر في بنك وستمنستر المنافس وقد صنعته شركة أخرى غير “دولارو”. نجحت الفكرة وصار الصرّاف الآلي حديث الناس.
حمل شبرد فكرته إلى الولايات المتحدة، وأمام مؤتمر ضمّ أكثر من ألفي مدير بنك، أعطي 12 دقيقة لتوضيح عمل جهازه.
ويتذكر شبرد كيف أن فكرته قد “استقبِلت كفكرة أوروبية ساذجة تريد أن تُباع في أمريكا”,لكن بنك فيرست بنسلفانيا لم يتأخر في شراء الأجهزة، فطلب تركيب ستة منها في فروعه في فيلادلفيا, وكرّت السبحة.
كانت أجهزة شبرد تعمل ببطاقات ورقية سميكة يستلمها العميل من البنك، وكل بطاقة تصرف مبلغ 10 جنيهات فقط.
ولهذا فإن الأمريكيين يعتبرون أن البداية الحقيقية للصراف الآلي بمعناه المعاصر، تمت على يد دونالد وتزل الموظف في شركة “دوكوتل” الذي صمم أجهزة تستخدم أول بطاقات ممغنطة عام 1969م. وقد سُجِّل الاختراع في أمريكا باسمه.
ووضع الجهاز الأول خارج مبنى بنك “كيمكال”، وكانت حملته الدعائية تقول: “في 3 سبتمبر 1969م سيفتح الفرع أبوابه في التاسعة صباحاً.. ولن يُغلق أبداً”.