محمد شريف الجيوسي – كاتب أردني:
سيترتب على الحرب القذرة التي تشن حالياً على الشعب الفلسطيني من قبل “إسرائيل” بدعم ومشاركة أمريكية مباشرة تداعيات نوعية واستراتيجية لا تخص الشعب الفلسطيني فحسب، مع أنها ستكون أولى النتائج التي ستترتب على هذه الحرب إن (سلباً) أو إيجاباً.
وتشير الدلالات الأولية إلى أن نتائج هذه الحرب العدوانية الجديدة، لن تكون في صالح “إسرائيل” ومعسكر النيتو بعامة، سواء على الصعيد العسكري البحت أو السياسي أو الاقتصادي، بدلالات المجريات وردود الفعل سواء في الميدان بالمنطقة أو في العالم، وأن التحالف الدولي الغربي سيفقد ليس فقط مكانته المعنوية فحسب، وإنما أيضاً قدراته العسكرية الخاوية ومصالحه الاقتصادية .
لا بد أن ألوصول إلى هذه النتيجة ليس بالأمر اليسير الهين، فالثمن (الأولي) الذي دفعه ويدفعه الشعب الفلسطيني باهظ جداً لكن الأثمان التي يدفعها العدوان مدمِّرة وغير قابلة للتعويض، فقد باءت سوءات النظام العالمي الراهن وباتت مكشوفة على كل الأصعدة، رغم أنه لن يلم أوراقه ويرحل بهذه السرعة، وسيستشرس أكثر دموية وقتلاً وحصارات وفظاعات، لعل الطرف الفلسطيني يستسلم أو يهوي من داخله، ولا يجد من ينضم إليه، عدا دعم شركائه في محور المقاومة.
ومن المرجح أن تتطور الحرب وتتعرّى جبهة العدوان، ما يشكل فرصة لتسريع قيام نظام عالمي جديد، لكن الدول كما تؤكد تكراراً، ليست جمعيات خيرية، ومن المخاطرة؛ المغامرة بدخول حرب دون حسابات (بميزان الذهب) لا تكسر ظهر الدول المتدخلة على أقل تقدير، والأفضل طبعاً أن تحقق لها مصالح استراتيجية، فقد انتصرت روسيا لصالح سورية بعد سنوات من الحرب الإرهابية الدولية عليها، بعد استفحال العدوان، كما انتظرت نحو 8 سنوات قبل أن تنتصر لشعبها الروسي الذي يسام العذاب من النظام الأوكراني، والصين حليفة روسيا الرئيس لم تدخل الحرب إلى جانب موسكو، رغم خلافاتها العميقة مع الولايات المتحدة الأمريكية ؛ اقتصادياً وتجارياً وجيوسياسياً، ودخول الغرب الأوروبي وأمريكا الحرب إلى جانب أوكرانيا، مكتفية أي الصين بدعم سياسي محدود وخجول .
عليه لا يتوقع دخول روسيا والصين الحرب في المنطقة إلى جانب محور المقاومة طالما بقيت الحرب في حدها الراهن، لكن إذا طور المحور الإسرائيلي الأمريكي الغربي؛ الحرب باتجاه أطراف إقليمية، ستتدخل روسيا ثم الصين على التوالي بعد بعض وقت، لكنه سيحدث أخيراً، وتنشب حرب كبرى.
وحتى يحدث التدخل، لا بد من توفر شرط رئيس ، يتمثل في صمود الشعب الفلسطيني وشركائه في محور المقاومة حتى يكون التدخل يحتمل النصر الحازم، وليس مغامرة لا أفاق لها.
ويتطلب الصمود المقاوم ، وحدة الصف والهدف والرؤية الفلسطينية المقاومة ، حتى يستمر الشركاء بالمشاركة، وعليه فإن هذه الحرب إما ستكرس النظام العالمي الراهن بكل ما فيه من حروب واحتلالات ودمار وطغيان وإرهاب وتكفير ومفاسد على أنواعها، وإما وهو الأرجح، سقوط هذا النظام، ومجيء نظام عالمي جديد أكثر عدلاً وأمنا واستقراراً وديمومة .
حرب فلسطين الراهنة ، حرب متدرجة للشعوب والأمم والدول ، ضد الطغيان الغربي النيتوي العالمي بقيادة أمريكا، لأجل عالم خال من الصهيونية والإمبريالية والاستعمار والعنصرية والاستعباد والتطرف ، وخيارها الوحيد ؛ النصر، في النهاية رغم كلفها الباهظة.