الثورة – ديب علي حسن:
تكشف الحرب العدوانية الصهيونية المدعومة أميركياً على فلسطين- كل فلسطين- وتحديداً غزة، حجم التضليل والنفاق الذي تمارسه المؤسسات الغربية كلها، من صانعة القرار إلى مؤسسات تسويقه تكشف حجم النفاق والتضليل، وهذا ما يجعلنا نعود إلى المفكر والسياسي والإعلامي الأسترالي تيم أندرسون، الذي عرَّى هذا النفاق في كتبه ودراساته ودفع ثمن ذلك.
في كتابه “محور المقاومة نحو شرق أوسط مستقل” يقدم الكثير من المعطيات حول التضليل الإعلامي والسياسي والغربي ويتخذ من الحرب العدوانية التي شنت على سورية منطلقاً لفضح هذا النفاق، يقول أندرسون:
ففي آخر حروب الشرق الأوسط التي تقودها كلها واشنطن وأتباعها أصبح من الشائع وصف المعارضين بأنهم (مدافعون) عن هذا العدو أو ذاك.
في الواقع بغض النظر عن فضائل أو عيوب هذه الأنظمة، فهي جميعاً مستقلة ويتم استهدافها تحديداً بسبب استقلاليتها، لهذا السبب ذاته توصف بأنها (ديكتاتوريات) في محاولة لإضفاء الشرعية على العدوان الاستعماري الجديد.
وبالتالي فإن وسائل الإعلام الغربية المالية للشركات وللحكومات على قدم المساواة مع الحرب تستبدل النقاش المنطقي بالاساءة ولاتظهر اهتماماً كبيراً باحترام الشعوب الأخرى التي تتعرض للهجوم.
فالكليشيهات والإساءات تكرر عدوان عقلية الحرب، إذ يتخلى الكثيرون عن مبادئهم المعتادة في التواصل الشفوي، ما يختزل المناقشة إلى تسجيل النقاط بشكل عدائي، فبعد أن تعرضت لبعض هذه الهجمات في السنوات الأخيرة وخاصة بسبب الدفاع عن سورية، أشعر أنه من المناسب أن أعرض بعض القصص الشخصية التي دفعتني للدفاع عن سورية وبعض الإساءات التي تعرضت لها.
إن المجتمع الإنساني كما أراه يقوم على أساس من التعاون تعززه المجتمعات التي تقرر شؤونها وبناء هياكلها الاجتماعية الخاصة بها.
إننا كائنات اجتماعية وحافزنا الإنساني الطبيعي هو مساعدة الآخرين، لكن الخلل في الوظيفة الاجتماعية يأتي بعد التعاون الاجتماعي، حيث الشكل الأكثر خطراً من بين هذه الاختلالات هي الإمبريالية.
إن التدخلات الخارجية دائماً ما تكون كارثية ومدمرة ومشوبة بطموحات المتدخلين، هذا هو السبب الذي يجعل من التدخلات التي تقع من دون أن تكون هناك دعوة للتدخل محظورة على نحو محق في الوقت الحالي بموجب القانون الدولي، ومع ذلك نادراً ما يطبق القانون على القوى العظمى.
يعرض أندرسون الكثير من المضايقات التي تعرض لها من قبل وسائل إعلام غربية لأنه كان يفند بالدليل كذب الروايات التي تلفق على سورية.
وعلى سبيل المثال كان بعض الصحفيين يتصلون به لإجراء لقاء معه يوافق على ذلك، ولكن اللقاء لا يستمر أكثر من دقائق ليفاجأ فيما بعد بحوار ملفق فيه اتهامات له.
جرى ذلك أكثر من مرة في بلده وخارجه، وكذلك مع محطات تلفزية، وبعضها شن هجوماً كبيراً عليه لأنه زار كوريا الشمالية متضامناً معها ضد التهديد الأميركي.
يرى أندرسون أن الحروب التي تشنها الإمبريالية ضد الدول التي لا تمضي في ركبها هي حروب من كل الألوان السياسية والثقافية والإعلامية، وتمارس الكذب والتضليل وتقوم على قلب الحقائق، وقد نجحت في تجنيد العديد من الليبراليين الغربيين والمنظمات غير الحكومية، وبالطبع وسائل الإعلام الخاصة والحكومية هناك أيضاً..؟ وقليلون جداً هم من يشككون في رواية الحرب.. إذ إن من يفعل ذلك يتعرض للإساءة.
ويضيف إن المنظمات الأممية تواطأت مع الغرب وهي تمضي بركبه العدواني.. ومع ذلك فهو يرى أن العالم يتغير ولن يبقى كما كان، وهذا التضليل سوف ينهار وينتهي مهما بلغت أساليبه القذرة..
العالم يجب أن يقوم على المساواة والحرية والكرامة والتعاون لاالهيمنة والاستبداد ومتابعة الاستعمار التقليدي بطرق وأساليب جديدة.
هذا وكان تيم أندرسون قد وقَّع آخر كتبه في اتحاد الكتاب العرب بدمشق منذ فترة قصيرة، ودار نقاش مهم حول الواقع السياسي والتحولات التي تجري في العالم، ولاسيما العدوان الصهيوني على غزة.
