تتوجه العيون والقلوب اليوم وبمزيد من الحزن والألم، وفي مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية إلى فلسطين أولاً، ومن ثم غزة وما تعانيه من قتل وتهجير ودمار طال البشر والحجر وكل شيء، حتى تكاد تغيب فيها مظاهر الحياة إلا قليلاً، كما غابت ولأول مرة عن ساحة كنيسة المهد مظاهر الزينة والاحتفالات وشجرة الميلاد الشاهقة التي كانت تعلن على الدوام ميلاد عهد جديد من الفرح والسلام.
وتعلن الكنائس في كل بقاع الأرض تضامنها ووقوفها مع أبناء فلسطين المحتلة وهي تتعرض كل يوم لأبشع مظاهر الوحشية التي لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، وتبتهل إلى الله بالدعاء ليحل السلام في أرض السلام، ولتعود البلاد إلى أهلها الحقيقيين وطرد الغاصب المحتل الذي يعيث في البلاد أبشع أنواع الجريمة بحق الإنسانية وحق شعب أعزل، لا ذنب له إلا أنه يدافع عن وطنه وأرضه.
ولكن وفي ظل هذه القتامة والحزن، ومن شعائر الميلاد المجيد يولد أمل جديد، فمن يقرأ التاريخ لا بد يدرك أنه مهما طال أمد الاحتلال، فهو زائل لا محالة، وسيأتي يوم يجر ذيول الخيبة والخذلان ويرحل إلى غير رجعة، بفعل البطولات والتضحيات والصمود التي يبديها شعب فلسطين، وخصوصاً أطفالها، بإيمان مطلق أن الله معهم والنصر حليفهم.
ومن بلد السلام يطل أطفال فلسطين بعيونهم البريئة والجريئة في الآن نفسه، ويطلقون صيحات التحدي في وجه الغاصب، غير خائفين ولا هيابين، فقد كبروا وأصبحوا أبطالاً، ولم تعد تعني لهم هدايا “بابا نويل” لأن لعبتهم الوحيدة باتت هي الحجارة، يقذفون بها في وجه من اغتصب براءتهم وطفولتهم، وعاث في ملاعبهم الخراب والدمار، وقتل فيهم معنى أن يكونوا أطفالاً لهم المرح واللعب والأمن والأمان.
اليوم ميلاد جديد، نتمناه ميلاداً للمحبة والسلام في بلد السلام، وثمة رسالة نوجهها إلى العالم جميعه أن أوقفوا قتل الأطفال، وأوقفوا العدوان على غزة، أوقفوا الحرب والدمار.