تتصدر- كما كل بداية عام- التصريحات والإجراءات والقرارات التي ترشح عن حلقات النقاش الكثيرة والمتنوعة الاختصاصات، قائمة العناوين في الأخبار التي تتناقلها وسائل الإعلام المختلفة، ما قد يبشر بنقلة نوعية في مستوى النتائج التي سيقطف ثمارها المواطن خلال فترة قريبة، خاصة مع تلميحات أصحاب القرار عن امتلاكهم مفاتيح الحل، والمعالجة لمختلف الملفات الاقتصادية والاستثمارية والمصرفية والمعيشية.
هذا الوضع المستمر منذ سنوات ينطبق عليه حقيقة المثل القائل “أسمع كلامك أصدقك أشوف أفعالك أستغرب” والدليل أن العنوان الأبرز للأيام الأولى من العام هو الرفع للأسعار، وحقيقةً إن المواطن السوري لا يستغرب فقط، بل يندهش ويكاد يصاب بالجلطة جراء الهدوء المستفز من أصحاب القرار في التعامل مع أزمته الاقتصادية والمعيشية والحياتية التي تتفاقم ويزداد أثرها وضغطها عليه، خاصة مع قناعة باتت تترسخ يوماً بعد آخر في أذهان الناس، مفادها أن جيبة المواطن هي الخيار الذي تتوجه إليه الجهات التنفيذية لمعالجة عجز الموازنة، لذلك بتنا نرى آراءً عديدة سواء من الشارع السوري أو من أصحاب الاختصاص عن أن الاستمرار بحل الجباية المتبع حالياً من دون البحث عن حلول لصعوبات الاقتصاد والإنتاج لن يوصل إلا لمزيد من العجز المالي والتضخم ومعاناة المواطنين، ونقمتهم على من يرفع الأسعار بجرة قلم من دون أن يرى أبعد من أنفه انعكاسها الكارثي على الوضع المعيشي.
لا يمكن للمواطن الذي واجه أشدّ وأصعب الظروف الاقتصادية والمعيشية خلال السنوات الأخيرة، وصبر وصمد لعلمه بأن التحديات والضغوطات الخارجية جراء الموقف السياسي القوي للدولة السورية كبيرة، قد تعجز حكومات دول متقدمة عن مواجهتها وتجاوزها أن يتقبل بعد اليوم كلام الحكومة عن أن زيادة الإنتاج وتحقيق التوازن في السوق وزيادة الصادرات ومواصلة الجهود لتحسين الواقعين الخدمي والتنموي ومحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين هي من أولويات العمل الحكومي للعام الجاري، لأن نفس هذه الأولويات تصدرت عملها لسنوات، والنتيجة نراها على الأرض تراجعاً خطيراً بالإنتاج الصناعي والزراعي وتدنياً غير مسبوق بسعر صرف الليرة وأسعار فلكية لكل ما يشترى، وإن كان يهمّ أصحاب القرار فإن جسور الثقة بينهم وبين المواطنين تصدعت وتكاد تنهار.