الثورة- رنا بدري سلوم:
رحل العام الأكثر دمويّة على الإطلاق ولم ترحل معه الحرب الشرسة على غّزة، رحل العام الأكثر إجراماً بحق الإنسانيّة والطفولة، تلك التي بلغ عدد ضحاياها نحو ثمانية آلاف طفل استشهد في قطّاع غزّة، والمئات في الضفّة الغربيّة والقدس، تصدّر العام الفائت بكل جدارة لقب عام “الإبادة الجماعيّة” الموجّهة لقتل الأطفال الفلسطينيين مع سبق الإصرار والترصّد على أيدي الاحتلال الإسرائيلي الفاشي، أمام وسائل الإعلام العالميّة. ما خلّفته الحرب على أهلنا في غزّة يحتاج لسنوات وسنوات للعمل على تضميد الجراح، ولاسيما الأضرار النفسيّة التي يعيشها اليوم الغزّاويون بصمت وقلوب مكلومة.
أما الأضرار الجسدية الجسيمة التي خلفتها تلك الحرب فحدث ولا حرج، فالمئات بترت أطرافهم، وفقد الكثير تحت الأنقاض، إضافة إلى ارتقاء عدد كبير من الأطفال الشهداء بالذخائر الحيّة، وصواريخ مسيّرة بدون طيّار، وغارات مباشرة وغيرها، ولم تكن آلة القتل الصهيونية وحدها مصدر الإبادة الجماعية، بل سياسة التجويع والعطش والمرض هم أدوات حربها أيضاً، تنتهجها الصهيونيّة لتقتل ما تبقى من الأطفال الفلسطينيين باتت الحقيقة واضحة كالشمس بأن الهدف هو منهجية إفناء الشّعب الفلسطيني، بدءاً من أطفاله رجال المستقبل، لتموت معه قضيّة حقّه في أرضه ومقاومته الاحتلال، ولكن مع كل ما يلحق الطفولة من أذى في غزّة يبقى الأطفال هم الأكثر أملاً فيها، وتراهم في مراكز الإيواء يطلقون صوت أغانيهم وضحكاتهم ولعبهم وهم على الرّكام ينشدون لفلسطين الجريحة، في وقت يستغرب فيه هذا الزائر الأجنبي الموجّه كاميرته الإعلامية لالتقاط الحدث كيف أنّ الطفولة صامدة كصمود فلسطين في عيون أطفال لا تدمع، بل قلوب تخشع لربّ لا ينساها، يصبرون بابتسامة مقاوم لا يساوم على بقائه.. فيبقى.