الثورة – حوار لينا إسماعيل:
“بعد السنوات الطويلة تغيب حرارة الأسئلة، لتطل لنا تلك الأجوبة التي سكتت على مقولاتها، بحكم ما ذاب من الكثير، تحت التفاصيل التي تلفت مع المتغيرات، وتجاوزتها المستجدات بكثير”.
بهذه العبارات بدأ المؤرخ والروائي فضل عفاش إجاباته على باقة تساؤلات طرحتها “الثورة” من وحي عناوين بارزة لمسيرته الأدبية المفعمة بالجدل بعكس هدوء ملامحه، والأصداء التي حظي بها نتاجه الإبداعي الذي يفوق 14عملاً روائياً ترجم أغلبها إلى عدة لغات عالمية، في الأوساط الثقافية والفنية والإعلامية وذلك قبل عقد ونيف، وما أحاط بها من معارك قضائية أخذت من عمر هذا الروائي المبدع ابن الجولان كتبت الرواية وقبلها القصة القصيرة والترجمة والتأريخ، باختصار تعاملت مع كافة صنوف الأدب، فماذا يعني لك هذا التنوع؟ وكيف كانت البدايات؟
الأدب تحت لفظته المرموقة، وفطنته المحقوقة على صور القيم وتعظيماتها من عزيز ذوات تدرجاتها على أعبث وأبعث تفاصيلها، وإلى ذروة هياماتها في جليتها على كامل كليتها، لقيام نهائي لا تحتاجه البدايات الكفيلة ولا البدايات البديلة، يتباين في جلال المظهر اللائق من مظاهر جلال البقاء في أمة من الأمم.
تحت هذا المعنى الجليل لهيبة وحفاوة الأدب في أمة غير مستعصية على مزامنته في بيان أمانيها وبيان مخاضاتها فيه، لحلم فيها يحصنها من الوهن ويزهو بها على قوة تستهديها الأمكنة فيها ولا تستجديها، كان علينا أن نخوض في غماراتنا العابثة منها والباعثة للنيل من حفاوة فطنة هذا الجلال، والظن بالفوز الذي قد يأخذنا في أمة العرب لنجاة، فنزلنا بعد العظيمة دمشق بالعاصمة العربية على شرقها وغربها، نذوب تحت اجتماعها وثقافاتها على انكساراتها وتطلعاتها في أصغر وأكبر ساحاتها، ودواوينها، نذوب إلى أهلها على ليلاتهم ونهاراتهم، فتأخذنا حتى تخومها لنقرأ من عيشها عيشنا ونطلب على حاجة من هيباتها، هيبة لأخبارنا من أخبارها، فكان لنا منها ودها ولسانها، فعرفناها الرجالات الأمة والأمة الرجالات، فترجمنا لها السير الأدبية والفكرية، وفي القصة القصيرة وفي الرواية وأرخنا لها المئويات التاريخية والسياسية في حياتها من تاريخها الاجتماعي الثقافي على منقولة وموروثة، وسجلنا لها الملاحم السينمائية والتلفزيونية والغنائية في ساحاتها الدرامية على أرفع طراز نرجوه لها والذي وصلنا به إلى جل الأصقاع العربية.
* من خصوصية أعمالك الأدبية أنها ترجمت للعديد من لغات العالم هل لنا أن نلقي الضوء على بعض منها؟.
من الأعمال الصادرة التي نقلت إلى لغات أخرى، وكذلك (مذاق الحلم) وهي ملحمة روائية- دار الحق- بيروت 2001 نقلت هذه الرواية إلى الفارسية- مؤسسة آثار الإمام طهران إيران 2002، و(الزمن الذي لا يعود) رواية عن قصة حياة زعيم الثورة الإسلامية الإيرانية للراحل الأمام الخميني في حياة عربي، نقلت هذه الرواية إلى الصينية- وزارة الثقافة الصينية بكين1997، و(ثلاثية روائية (الماضي يبدأ غداً) بعدة طبعات ونقلت هذه الرواية إلى الإنكليزية والفرنسية والصينية والإيطالية والمالطية.ووطن في السماء.
* أعمالك الأدبية الحاليّة في ظل التحديات التي واجهتها على الصعيد الشخصي، والمستجدات العربية الراهنة.
تحت (إن وجدت) هذه المحاطة بقوسين، وقد طالها الظن لديكم بإمكانية عدم وجودها من خلال ما يطفو على السطح في عالم الثقافة العربية من القراءات العامة المواكبة للظروف القاهرة والصعبة التي تمر في حياة الأدب من حياة الأديب العربي.
نقول: بين الإمكان والفقدان ومع كل القراءات المواكبة قد يكمن، وعلى يسر السؤال القاصم على واحدة من الغصات الثقيلة، التي تواكبنا وتجهد تحت اليقين كاهل الثقافة العربية على آخر أحوالها من أحوالنا العمومية، والخاصة على غصب فيها لا يطاوع، وقد لا يطاق في أغلب أحيانه، والباعث بجدارة للجميع بأحاسيس المغادرة.
تحت هذا في القصد يمكننا أن نقول وعلى المّرات الأخيرة مما قلناه في المرات الأولى: إن الحال المعرفي الثقافي الفكري لأمة قد يتأخر عن ساحاته ما إن نزحت عن بريقها ووهجها وتأملاتها، إلا أنه سيظل يستمد لها من ذاكرة الأمة العمومية ما قد يبدله لوجود جديد، ففي ذاكرة الأمة العمومية التي طالتها من الماضيات الأسبقيات بسنوات البحث والمتابعة، وبسنوات الجهد والمثابرة، والتي مازالت محفوظة عن النسيان، وغير قابلة للنضوب من بيان لنقصان، يمكن للأحوال أن ترتفع عنها لأحوال جديدة، ما إن واكبتها عزيمة الأدباء فيها، وقبولهم على الخروج بأجندات فاعلة من ظروفهم الصعبة، للآمال بوجود أجندات جديدة ترفع سوداويات الأحوال العامة لمجريات واعدة، فكيف لنا أن نذوب على عمرنا تحت أمنيات الثقافة فينا، ونرتفع لها في ساحاتها، وننازل في طموحاتها العريضة، طموحات العالم وحضورها على حضوره، وكانت لنا الثقافة العربية بلسانها، ورجالاتها المفعمة بالدواوين اليقظة والفخورة الراسمة لأخلاق هذا العالم.