الثورة – عبير علي:
يطّوع الحجر بين يديه على الرغم من قساوته، فيبدع في تجسيد منحوتات صخرية، جميلة تروي لنا قصصاً خيالية وأساطير من التاريخ.
إنّه الفنان النّحات والمبدع علي فخور، الذي جسّد لنا في آخر منحوتاته أسطورة سارق النار الإغريقية بحجر من الرخام التركي بارتفاع 45 سم وعرض حوالي 15سم.
وفي حديث لصحيفة الثورة ذكر الفنان فخّور، أن قصة المنحوتة التي استغرق إنجازها شهراً كاملا،ً وكما تقول الأسطورة: إنّ برومثيوس كان يحارب إلى جانب الإله زيوس، ضد والده لانتزاع الإلوهية منه، وعندما انتصر زيوس على أبيه، قرر أن يكافئ برومثيوس، فسمح له بخلق الإنسان.. فقام بتشكيله وأحبّه وأغدق عليه أجمل العطايا من عقل وفكر ورحمة وإنسانية، وجعله ينتصر على جميع المخلوقات الأخرى.
وفي أحد الأيام اشتد البرد وتجمدت المياه وكاد الإنسان يموت برداً، فقرر برومثيوس أن يعطيه النار بعد أن كانت حكراً على قصر الأولمب، الذي يسكنه زيوس وعلى البراكين الخامدة فقط.. فنزل برومثيوس إلى أحد البراكين، وهوى ملك الحديد وحارسه، فطلب إليه شعلة من نار ليهديها للإنسان، ولكن البركان رفض ذلك خوفا من عقاب زيوس، فذهب برومثيوس إلى قصر الأولمب، وسرق شعلةً صغيرة من النار وخبأها في عصاه المجوفة، وأهداها للإنسان فبات يطهي الطعام ويحمي نفسه من البرد.
فسمع زيوس في الأمر وقرر عقاب برومثيوس، وقيده بسلاسل من الحديد، على حافة وادي القوقاز ويأتي النسر يوميا من الصباح ويبدأ بافتراس كبده حتى المساء، وإمعاناً في جعل العقاب أسوأ، فإن الكبد سينمو من جديد كل ليلة، وسيعود النسر في اليوم التالي ليعذبه مدى الحياة.
لكن بروميثيوس لم يكن مستاءً من هذا العقاب، فقد كان يعلم بما يملكه من قدرة على التنبؤ، أن بطلاً خارقاً اسمه “هرقل” سيأتي ليحرره في المستقبل من عذابه، بقتل النسر برشقة من سهامه، وأن زيوس سيعفو عنه في النهاية، لكن سيأمره بارتداء حلقة حديدية من حلقات السلسلة، التي كان مكبلاً بها في إصبعه ليتذكر أخطاءه.
فقرر الإنسان تخليد قصة برومثيوس شكراً وعرفاناً، لما قام به من تعريض نفسه للخطر مقابل أن ينعم الإنسان بالنار، وتكريماً للبطل الأسطوري سارق النار، ارتدى اليونانيون القدماء الخواتم، ليتذكروا على الدوام منقذهم برومثيوس.
واليوم ترمز الشعلة التي يحملها الرياضيون في افتتاح دورات الألعاب الأولمبية إلى شعلة النار التي سرقها برومثيوس من الآلهة ناقلاً إياها إلى الأرض، وهذا ملخص الأسطورة باختصار، والتي سيشارك بها النحات فخور في كاتدرائية السريان الكاثوليك في حمص إلى جانب عملين آخرين في 28/1/2024 في معرض النحت السوري تحت عنوان “نبدع من الحجر حياة”.