الثورة – رويدة سليمان:
الثامن من آذار من كل عام هو يوم المرأة العالمي والاحتفال به لا يكون على قالب كاتو وشموع بل حشد للجهود والدعوات وتوسيع لغة الخطاب الدينية والإعلامية والتربوية للتأكيد على حقوق المرأة ومشاركتها في العملية الاقتصادية والسياسية والتعليمية، هو فرصة لتقييم ما أنجزته المرأة على الأصعدة كافة ويستحق التقدير والاحترام وهي قبل ذلك كله الأم والمربية الفاضلة ،هذا الاعتراف بحضورها الحقيقي وشراكتها في ميادين العمل كلها إلى جانب الرجل ، ليس من قبيل المجاملة (وربما تكون شهادتي لبنات جنسي مجروحة )إلا أن ما توثقه مواقع مسؤوليتها وتثبته الوقائع والشواهد التاريخية يؤكد وجودها الفعال في مختلف المجالات وليس فقط الاقتصادي ومازلنا نحمل في ذاكرتنا ويتردد صدى صوت الجدات يروين قصص نساء مجاهدات ضحين بأرواحهن ليتنسم الوطن روح الحرية ولكل امرأة من هؤلاء قصة وحكاية (كثير من النساء خرجن لمقاتلة الفرنسيين في معركة ميسلون ومنهن نازك العابد والسيدة حبابة ونباهه ابنة المجاهد إبراهيم هنانو وغيرهن ممن خضن معارك البطولة والشرف ) وتضيف أمهاتنا إلى مسامعنا حكاية امرأة سورية..الصناعية الأولى لتكن القدوة الحسنة لنا في مواقف الحياة الصعبة والغلاء المعيشي والتغلب على التخاذل والتراجع،تخبرنا قائلة ..كانت المرأة تربي دودة القز وتحيك الحرير وتربي الأبقار والأغنام وتصنع غذاء الأسرة وتبيع الفائض الذي يعتبر رافداً اقتصادياً لبيتها وقد عرفت صناعات متعددة كغزل الصوف ونسجه سواء للباس أو للسكن وتجاوزت صناعتها إلى الصناعات الغذائية والدوائية.
ومن جديد تؤكد المرأة السورية قدرتها للنهوض بمستوى معيشة الأسرة والمساهمة في التنمية الاقتصادية حيث نراها اليوم في المعارض اليدوية أمام معروضاتها من حرير ولوحات وفخار وقد أبهرت الحضور بلمساتها وحسن اتقانها واستثمارها لأشياء مستهلكة لتستفيد منها بشكل عملي أو نظري.
لا يقتصر عمل المرأة خارج المنزل والاستثمار في المشاريع الصغيرة والبحث عن مصادر تمويل لمشروعها في تحسين حالة أسرتها فقط بل عزز من شعورها بتحقيق ذاتها ووسع مداركه في الحياة من خلال إنشاء علاقات اجتماعية مختلفة ومتعددة وانتسابها إلى لجان سيدات الأعمال.
لا أظن أن أحداً يخالفني الرأي أن سنوات الحرب كانت بمثابة امتحان حقيقي لامكانيات المرأة التي اقتحمت ميادين العمل بمسؤولية مضاعفة في غياب المعيل، غير المشروطة بالمكتبية والإدارية ليكون حضورها أيضاً في ساحة العمل الميداني تساهم في فتح آفاق جديدة أمام الأجيال الشابة لمواصلة رحلة العطاء.