الثورة – فادية مجد:
استرجع سني عمري، فلا أجد أغلى من اسمك في كل محطات حياتي , وتعيدني الذاكرة الى طفولتي ومراهقتي فلا أتذكر سوى صبرك وقلبك الذي لم يعرف يوماً سوى العطاء.
كم أنت كبيرة يا أمي وكم نحن صغار، كبيرة بوجودك وقيمتك وحبك الذي لم يتغير يوما ما، وكم نحن صغار أمام كل ما قدمته بحياتك لنا، لأننا لا نملك أمامه إلا أن نكون صغاراً ولا نقوى أن نصل لقيمتك وقدسيتك.
عندما كنا صغاراً، لم نعرف سوى قلبك وحضنك ملاذاً لنا، فنشعر بأننا ملكنا الحياة وما بها، وكيف لا وهناك إنسانة على هذه الأرض ترعانا في صحتنا ومرضنا، ولا تنام قبل أن تغفو عيوننا، فيكون وجهها آخر ما نراه في يومنا، وأول ما نصحو عليه.
مشاهد لا يمكن أن ننساها وأنت تودعينا قبل الذهاب للمدرسة وعيوننا تدمع ترفض الابتعاد عنك، فتقتربين منا، يأخذنا حضنك إلى عالم آخر من الحب والحنان، تبددين مخاوفنا، فنغدو إلى مدرستنا منتظرين العودة إلى البيت ليطل وجهك من جديد فنشعر بالسكينة والاطمئنان.
لا يمكن أن ننسى عندما كنا نمرض ينام كل من في المنزل وتبقين أنت بقربنا تمسحين بيديك وجوهنا المتعبة، وإن حاول النوم أن يسرقك منا، تعودين إلينا بلا شكوى أو تعب.
لا يمكن أن ننسى كم كانت مشكلاتنا عندما كبرنا هي همومك، وكنت أنت ملجأنا عندما تقسو علينا الحياة، نرتمي بين أحضانك باكين متعبين، لا نعلم كيف نواجه قسوتها، لأننا كنا نراها بعيدة عن طفولتنا وبراءتنا.
بلى يا أمي.. نحن كبرنا بالعمر , لكننا مازلنا صغاراً أمامك، مازلنا بحاجة لك في كل يوم من أيامنا، لكننا نريد لقلبك اليوم بعد أن حمل متاعبنا أن يبقى بمنأى عن التعب.
نريد لعقلك الذي لطالما انشغل بنا ألا يثقل اليوم بمتاعبنا ومسؤولياتنا.
في عيدك يا أمي .. تعجز كل أبجديات اللغة عن الكلمات التي تليق بمقام من جعلت الجنة تحت أقدامها تعظيماً وتشريفاً لها.. اسمحي لي يا غاليتي أن أقبّل يديك الطاهرتين، طالبة رضاك وعفوك إن قصرت أو أخطأت، حماك الله وأدامك لنا أنت ووالدي الطيب، يا سرّ وجودي ونبض شرياني.