الثورة _ همسة زغيب:
تتميز سورية بعادات وطقوس رمضانية تحمل خصوصيتها، يتم تناقلها من جيل إلى جيل، كموروث حي لا يمكن تجاهله أو التغافل عنه، ومن أبرز تلك العادات والتقاليد “سكبة رمضان”، التي تعتبر من الطقوس الاجتماعية الشرقية الأصيلة، وتعبّر عن المحبة والتآخي بين الجيران ودلالة على قوة العلاقة فيما بينهم، وتتمثل بتبادل جزءاً من طعام الإفطار مع سكان الحي أو البناء الواحد، ليصبحوا أشبه بعائلة ممتدة، يملأ الخير والبساطة والرحمة قلوبهم.
تنشر هذه العادة مفهوم التكافل والتواصل والرحمة والمحبة، حيث تجتمع في شهر رمضان العائلات وعادة يكون لـ “لمة العيلة” رونقها الخاص، ويتم إرسال “سكبة” إلى الجيران قبل موعد الإفطار، وهي عبارة عن “بعضاً من أطباق الطعام”، وتتكون من طبق أو طبقين من الطعام المطهو، مما يغني المائدة أكثر، على عكس الأيام العادية.
لا تفرّق “السكبة” بين غنيٍّ وفقير، إذ كان الفقير يسكبُ للغني، وكان الغنيُّ يفعل الشيء ذاته، وكانت سكبة كل طبق حجمهُ بالتوازن، بمعنى أن السكبة كانت جزءاً من طريقة الأخذ والعطاء التي كانت سائدة، وتعتبر بادرة خير لتعزيز العلاقات الاجتماعية، فلا تقتصر على ميسوري الحال أو أصحاب الدخول المتوسطة بل تشمل جميع الطبقات.
ولها آثار اجتماعية كبيرةً على الحالة النفسية، وهي من العادات التي تساهم في تقوية النسيج الاجتماعي، وتثبت المودة والمحبة، وينعكس أثرها على التعامل الإيجابي بين الناس، كما تعزز القيم الإيجابية والعادات التكافلية التي كانت سائدة منذ القديم بين الجيران.