الثورة – هلال عون:
كتبت غادة السمّان في مجلة القدس العربي (المعروفة التوجّه) الصادرة قبل يومين ما يلي: “جميلة بوحيرد.. لك الشفاء”.
تقول السمان في مقالتها: “قرأت أن جميلة بوحيرد الملقبة بأيقونة الثورة الجزائرية مريضة جداً وفي المستشفى شفاها الله”.
وتضيف: تذكرت أنها جاءت تزور دمشق بعدما تحررت الجزائر، وأقيم لها حفل استقبال نسائي كبير في فندق دمشقي وحضرته نساء دمشق المتعلمات والمتعاطفات مع جميلة المناضلة، ولم أتلق دعوة لحضور حفل الاستقبال، فقد كنت بنتاً صغيرة وطالبة في مدرسة ابتدائية، وذهبت ووقفت وحيدة أمام باب الفندق فقط لألمحها!
ولذا، حين تلقيت قبل عامين دعوة أدبية لزيارة الجزائر حيث تباع كتبي هناك ولي الكثير من القراء، سألت الشخص (الكبير) الذي وجَّه لي الدعوة: هل سيكون في وسعي الالتقاء مع جميلة بوحيرد؟ وأجابني: هي أيضاً تقرأ لك وترغب في لقائك!
وقلت لنفسي: يا للزمن! تتحقق أحلامنا ولكن بعد فوات الأوان.
فقد اعتذرت يومها عن قبول الدعوة، لأنني كنت غارقة في كتابة كتاب جديد هو روايتي (يا دمشق.. وداعاً) والتي صدرت ترجمتها إلى الإنكليزية فيما بعد. وفاتتني فرصة لقاء جميلة بوحيرد.
واليوم أقول لها: ستظلين تلك البطلة الجميلة في ذاكرتنا يا جميلة بوحيرد، ولك دعاء محبيك بالشفاء العاجل “.
هنا أستغرب مما تقوله السمان حيث تسرد بطريقة مشوقة لهفتها للقاء المناضلة العظيمة جميلة بوحيرد منذ أن زارت دمشق رغم أن غادة كانت صغيرة، ثم تحدثنا عن دعوتها قبل عامين من قبل شخصية جزائرية كبيرة للحضور إلى الجزائر لحضور مناسبة أدبية ، فتتساءل بلهفة عما إذا كان بوسعها أن تلتقي بجميلة ، وحين يؤكد لها الداعي رغبة جميلة بلقائها أيضا، تمتنع عن تلبية الدعوة، وتبرر ذلك بانشغالها بتأليف رواية لها، عنوانها(يا دمشق.. وداعا) وأنا لم أقرأ روايتها المذكورة، لكنني علمت ممن قرأها أنها تتحدث فيما تتحدث عن قرار بقطيعتها مع دمشق، وعن أنها تخاف من العودة إلى دمشق لأنها مطلوبة قانونياً!
بين الحقيقة والادعاء..
وقبل عامين قرأت مقالة لها تتحدث فيها عن حبها لدمشق وعن رغبتها بزيارتها، وعن خوفها من الزيارة لأنها تخشى ملاحقة جهة أمنية ما لها، حين ذاك لم أصدق أن غادة السمان يمكن أن تكون مطلوبة لجهة أمنية ما في سورية. فسعيت إلى معرفة الحقيقة، فتبين لي أنها كانت موظفة، وغادرت دمشق دون تقديم استقالتها، ومثلها مثل أي موظف، تسائلها الجهة التي كانت تعمل لديها عن سبب تركها العمل دون تقديم استقالتها.. الخ.
ومثل هذه الدعاوى تتم إزالتها من ملفات القضاء بمجرد أن يتقدم الموظف المعني أو أي محام ينوب عنه بطلب إنهاء الدعوى.
تلك المعلومة دفعتني للتواصل مع نائب رئيس اتحاد الكتاب العرب الشاعر توفيق أحمد وتمنيت عليه أن يبادر الاتحاد للاتصال مع غادة السمان وأن يدعوها لزيارة دمشق وأن يتم توكيل محام لإزالة الدعوى بحقها.
بالفعل قام الاتحاد ممثلا برئيسه الدكتور محمد الحوراني وبنائبه الأديب توفيق أحمد بالتواصل معها، وبتقديم دعوة رسمية لها لزيارة دمشق للاحتفاء بها كأديبة سورية مبدعة.
حينذاك أعربت غادة عن سعادتها بالدعوة، لكنها أعربت عن تخوفها من ملاحقتها، فأكد الاتحاد لها أنه لامبرر أبداً لتخوفها، وأن الدعوى المتعلقة بالوظيفة يمكن انهاؤها بمجرد أن يتقدم محام بذلك إلى المحكمة، فاعتذرت عن قبول الدعوة وعن زيارة دمشق!
لدى بعض الكتّاب والأدباء المبدعين في اختصاصاتهم حالات فكرية غير مفهومة وأحيانا غير مقبولة، أهمها النرجسية والازدواجية.