لعل مقبلات مسلسل الحرائق أخذت تطل برأسها الشرير على بيئتنا التي باتت فقيرة وربما معدمة بتنوعها الحيوي بعد إجرام الحرائق لسنوات عدة وجور التحطيب بفعل الظروف القاسية التي ضاقت بها معظم الخيارات.
فمن المؤسف حقًا أن نسمع قبل شهر على الأقل، عن إخماد حريق حراجي أتى على ستة دونمات من السنديان والصنوبر في طرطوس ومناطق أخرى ..
خبر يدمي القلب بالتأكيد كما يؤذي السمع ويشوش البصر، فلعبة الحرائق لم تعد قضاء وقدرًا كما يسوقها البعض لطالما تفتعل حتى في الشتاء بطرق مختلفة وبالتالي لم يسلم منها حتى الأبنية بما تحتويه.
إن انكسار القيم عند أي شعب من الشعوب هو مؤشر خطير بما يكفي لحياة المجتمع حين تغيب الروادع الأخلاقية ويموت الضمير وتتضخم الأنا وتعم الفوضى وتصبح الجريمة وجهة نظر لها مسوغاتها ومبرراتها بغض النظر عن فعل القتل كسلوك لايغتفر، أيضاً هناك بالمقابل جرائم لا تغتفر ولايجوز التساهل مع مسببيها ومرتكبيها ومنها سرقة مقدرات الدولة من خلال العبث بممتلكاتها ومؤسساتها الحيوية، وليس آخرها جريمة سرقة أكبال التوتر العالي لقطاع الكهرباء في مناطق مختلفة من أرضنا ومدننا وقرانا، وقبلها بسنوات معظمنا يدرك حجم الأسى والأذى والمخاطر التي لحقت بحراجنا الطبيعية وغاباتنا المحمية والمعمرة لمئات السنين.
ناهيك عن حرائق بساتين التفاح والزيتون في موسمهما وحتى قطع الكثير من الأشجار المثمرة المتنوعة والتي تندرج تحت وصفة الانتقام والأذى بالمعيار الاحتماعي..
من المعيب حقاً أن يصل البعض إلى فكرة الانتقام من نفسه ومن مؤسسته ومجتمعه وبلده حين تسود النظرة السلبية في النفس الأمارة بالسوء بدل أن تتزين بقيم الغيرية واللطف والرحمة وأن كل جميل وخير في هذا البلد هو مظلة للجميع تقينا العوز والحاجة.