الثورة – ديب علي حسن:
تشكل بدايات الحداثة الشعرية العربية نقطة مهمة بل وجوهرية في التحولات التي جرت على المشهد الثقافي والإبداعي العربي.
بل وحتى المشهد السياسي الذي كان الغلاف لهذه التحولات..
إذ لم تكن ثمة تيارات فكرية أو إبداعية دون أن يكون لها توجه سياسي ما.
التيارات في منتصف خمسينيات القرن الماضي كانت كثيرة المشارب والأهواء..
فما أن تصدر حركة فكرية ما حتى تجد تجليا أو انعكاسا لها على أرض الواقع وفي المشهد السياسي.
هذا الخصب الفكري كان وراء الكثير من الإبداع والتحولات التي رسخت الحداثة.
كتاب مدينة البدايات.. الحداثة الشعرية..
تأليف: روبن كريسويل وترجمة الدكتور عابد إسماعيل.. صدر عن دار التكوين في دمشق..
يقف عند هذه التيارات الحداثية ويبحث عميقاً في التحولات الفكرية والإبداعية التي جرت ولاسيما عند أدونيس وانسي الحاح.
يتضمن هذا الكتاب سبراً تحليلياً معمقاً لحوار الحداثيين العرب من شعراء عالميين كبار، منهم عزرا باوند وسان جون بيرس وانطونان ارتو، ويكشف الكاتب عن الكيفية التي ترجم فيها هؤلاء الشعراء مفاهيم الفردانية الليبرالية والاستقلالية الذاتية والحرية السياسية وطوعوها في نظرياتهم الشعرية.
يركز كريسويل على الجانب الفلسفي والفكري لجماعة مجلة (شعر) المتمثل بدور المفكر انطون سعادة في إطلاق حركة القوميين السوريين من خلال العودة إلى الجذور الفينيقية المتوسطية للأمة السورية.
وبعد التعريف بالثوابت الفكرية والتاريخية لحركة الحداثة العربية يقوم الكاتب بتقديم قراءة معمقة لمجموعتين شعريتين محوريتين هما(أغاني مهيار الدمشقي ١٩٦١لأدونيس ولن ١٩٦٠ لأنسي الحاج) حيث تركتا أثراً عميقاً في الذائقة الشعرية العربية. ويشير الكاتب إلى أن مقاربته النقدية تقع على مفترق الطرق بين النقد الشعري والتاريخ الفكري حيث يسلط الضوء على السجالات الفكرية الكبرى الدائرة في تلك الفترة وخاصة العلاقة بين السلطة الفكرية والسلطة السياسية ومسألة انتقال المرجعيات الأدبية.
للتراث الشعري العربي في كتابه الشهير (الثابت والمتحول) ومحاولة التأسيس لتقليد شعري مضاد رسخ ملامحه في اختياراته الشعرية الهامة التي ضمنها موسوعته (ديوان الشعر العربي).