على مدار يومين استفاض معاونو الوزراء بتقديم مقترحات لإعادة النظر في سياسة التوظيف في سورية فالجميع اتفقوا على عدم الاستمرار بالسياسة المتبعة سابقاً في التوظيف كونها أدت إلى تضخيم الجهاز الحكومي وكانت اجتماعية أكثر منها اقتصادية وضرورة التوجه نحو استقطاب الكفاءات في أي قطاع.
فقانون الخدمة العامة أو الوظيفة العامة كما تمت تسميته في العام ٢٠١٥ والذي طال انتظاره سيوضع في التنفيذ بعد ثلاث سنوات على حد تعبير وزيرة التنمية الإدارية، إلا أن الوزارة لم تنتبه أو أنها انتبهت إلى أن هناك تسرباً وظيفياً كبيراً في القطاع العام الحكومي فحسب دراسة تحليلية لمعهد إينا” هناك خمس وزارات بلغت نسبة التسرب منها أكثر من ٥٠% ومعظمهم من الذكور”.
أتذكر في أحد اللقاءات الصحفية لجريدة الثورة مع وزير التنمية الإدارية حسان النوري قال حينها: “ليس هناك رابط عضوي بين تدني الرواتب والأجور وبين توصيف الوظيفة العامة فالرابط بين الاثنين هو نوع من محاولة الربط بين المستحيلات”.
في الكثير من الدول نجد تعاطياً رسمياً مختلفاً مع الوظائف العامة فهناك لا تُعطى الوظيفة كهبة بل تُعطى للأجدر والأكثر تدريباً وكفاءة وهناك لا تقام المسابقات لتوزع الوظائف محسوبيات وقطاعات.
عماد أي دولة وأساسها الوظيفة العامة وبقدر ما يكون انتقاء الشاغلين وفق معايير تتطلبها هذه الوظيفة بقدر ما تكون النتائج إيجابية وداعمة للنمو الاقتصادي للبلد.
للأسف نحن حتى اليوم ورغم طرح نظام الحوافز الذي دخل مرحلة الإنعاش قبل ولادته لم ننتقل بعد من التوصيف الذي يعتمد على الروتين للوظيفة العامة، في حين يعتمد الآخرون على معايير من شأنها منح الإنتاجية قيماً مضافة، نحن بحاجة إلى التأهيل الأكاديمي لكننا بحاجة أيضاً إلى الكفاءة والتدريب والقدرة على العمل ضمن روح الفريق والانتماء إلى المؤسسة والتمتع بروح المبادرة.
في كل الأحوال إذا ما قدر لمشروع قانون الخدمة العامة بحسب المُسمى الجديد أن يصدر بعد ثلاث سنوات نكون قد انتهينا من أحد أهم المشكلات التي تواجه مؤسساتنا العامة ولكن ضمن معايير موضوعية تقارب الواقع الحالي مع مراعاة خصوصية كل مؤسسة وكل ذلك يحتاج قبل كل شيء إلى إعادة النظر في سلم الرواتب والأجور فهل تفعلها وزارة التنمية؟.