الثورة – آنا عزيز الخضر:
قد تأخذنا الحياة إلى أحضانها، المطعمة بالأحلام البراقة المبهجة بألوان شتى، واهمة إيانا أنها الهدف الأول والأخير، كي نحيا شكلاً آخر، أجمل وأبهى وأكثر بريقاً، دون أن ندرك أن ضريبة ذلك، ثمن باهظ يتجاوز الكنوز والثروات بكثير.. إنها الهجرة التي تجذب الكثير من الشباب إلى عالمها، دون أن يعرفوا أنهم يفقدون كل شي.. يسرعون إليها، ثم يدفعون ثمن ذلك غالياً، لأنه ﻻ مكان يضاهي الوطن مهما حمل لهم من متاعب وصعوبات، وقد كثر التفكير بالهجرة أثناء فترة الحرب وبعدها.
هذا المحور الرئيسي، الذي دار حوله العرض المسرحي “القارب 22” حيث دارت أحداثه حول شغف الشباب بالهجرة إلى أن يذوقوا الويلات خارج أرض الوطن، العرض تأليف وإخراج عصام علام، وقد تحدث عن عوالم العرض وأسلوبه قائلاً: لطالما كان موضوع الهجرة والرّغبة في الحصول على حياةٍ جديدة، هو الهاجس الأكبر للجيل الحالي، انطلاقاً من ذلك كانت فكرة مسرحية “القارب ٢٢”.
هذا العمل عالج قضية الهجرة من منظور عدة فئات في المجتمع، صغاراً وكباراً، وبيّن أسبابها ودوافعها من خلال تجسيد شخصية الأم، وهي الوطن التي تودّع أبناءها متألمةً حزينةً على ما آلت إليه الأحوال وظروف النّاس..
جسّد الشّخصيات سبعة ممثّلين وممثّلات من فرقة العراب للفنون المسرحيّة، كان العمل عبارةً عن حوارات مجنونةٍ أحياناً لتدلّ على طبيعة التّفكير المشوّش للمسافرين، وحواراتٍ جديّةٍ أحياناً أخرى.
وفي المشهد الأخير وعند اقتراب القارب، وحانت لحظة الصّفر للهجرة، كان الضّياع والخوف من الغربة عن الوطن، هو الشّعور السّائد لدى مجموعة الشّباب الرّاغبة في السّفر.. فرحل الجميع، وبقي أحدهم وهو العازف، الّذي غيّر قراره في اللّحظة الأخيرة، وقرّر البقاء وانتظار عودة الجميع، ليبدؤوا حياةً جديدة،ً ويعيدوا بناء وطنهم، الّذي هو بحاجتهم أصلاً، وهم بحاجته كذلك.
تخلّل العمل لحظات من الغناء من قبل بعض الممثّلين والممثّلات، فقد عبّروا من خلالها عن ألمهم لفراق الوطن، وكذالك الرّقص التّعبيري، الّذي رسم لوحةً معبرة في نهاية العرض، والعرض هذا هو رقم ١٥ لفرقة العرّاب للفنون المسرحية، ومن المقرر أنهً سيعرض في جميع المحافظات السورية، بعد عرضه في دمشق وطرطوس.