كل الأسعار مواكبة لسعر الصرف والمتغيرات العالمية وبورصاتها, بما فيها بورصة البقدونس والسباكة الخاصة بالصرف الصحي وكذلك حال النجارة وسواها من المهن التي لا ينكر أحد على ممتهنيها حقهم الطبيعي في أجر يكفل لأولادهم الحياة الطبيعية بالحد الأدنى.
كل ذلك جميل، ولكن غير الجميل أن المواطن العادي الذي امتهن الوظيفة وفق دراسته الجامعية أو مهنة فكرية علمية، لا يجد باباً يسده في وجه رياح الإنفاق المطلوب منه لبيته، في وقت لا احد يحتسب الرواتب والأجور على أساس المنطقية التي يتم بموجبها تسعير كل شيء وأي شيء.
ببساطة وحتى لا يتعقّد الأمر، فكل شيء محيط بنا في حياتنا اليومية يتم تسعيره على أساس سعر الصرف الأسود، وكذلك المتغيرات السعرية التي تفقد الليرة شيئاً من قيمتها يوماً بعد يوم، في حين أن الأجور والرواتب في المؤسسات العامة والخاصة والمشتركة وسواها من التسميات الكثيرة، لا تزال تُقيّم على أساس سعر صرف ومستوى حياة ما قبل الحرب او بدايتها، قبل أن يستعر جنون الأسعار ومحرّكيها على حد سواء.
كيف للأهل ان يدفعوا ما يترتب عليهم، وكيف لهم أن ينهضوا بأعباء بيت يتطلب الإنفاق بشكل يومي على مزاج من يسعّرون في السوق ومن يقررون الربح ويربحون، دون وجود قدرة قادرة على لجمهم أو وضع حد لهم..!!
لا يجتمع الصيف والشتاء تحت سقف واحد، ولا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، ولكن في تجربتنا اليومية والإدارية يبدو أنهما يجتمعان، وليسا متجاورين فقط بل في عقل واحد وأداء واحد، فأي منطق نعتمده في مؤسساتنا المعنية في تقديرها للتكاليف وبالتالي أسعار المبيع لسلعة ما كُرمى لعيون من أنتجها أو استوردها، وتلافياً لحدوث فجوة سلعية في السوق، في وقت لا يهتم أحد لوجود فجوة شرائية واستهلاكية في السوق ذاته..!!
إن ذات العقول التي تنتج كل النظريات العبقرية، هي وحدها القادرة على خلق حل للعقد على مدار أشهر وسنين، وهي وحدها القادرة على إيجاد مخرج ليس بغرض الأبّهة، بل بغرض تمكين المواطن من العمل والإنفاق على أهل بيته، ولاسيما أن قادمات الأيام تبدو مبشّرة لجهة زيادة تكاليف كل شيء.. وبالمعنى الواسع.
السابق