الملحق الثقافي-رنا بدري سلوم:
بين المكان والمكانة، تاء، ويجدر للتاء أن ترفع من شأنها أينما وجدت فتحجز لنفسها قدّراً وقيمة وتمنح القوة والحكمة في كل كلمة تكون فيها وتنتمي إليها، فصدق ابن عربي بقوله»المكان الذي لا يؤنث لا يعوّل عليه»، هي الأنثى القادرة على الخلق والإبداع وإن كانت محاطة بالفهم القاصر في تهميش دورها كمبدعة وجعلها جزءاً متضمّناً من الممتلكات الأسريّة ليس إلا، ثمة خلط مقصود وشائع في مجتمعنا بين الأدب النسوي كموضوع إنساني المحتوى ومفهوم النوع الاجتماعي للمبدع «ذكراً أو أنثى» كأب شرعي للنص الإبداعي، ومن هنا رجعت إلى ما يشير إليه «علم اجتماع الأدب» «إلى أن واحة الإبداع وأشجارها القليلة الانتشار بطبيعتها تسقى لتنمو من ثلاثة مصادر متفاعلة الأثر والتأثير، أولها النظريّات النقديّة في الأدب كعلم، وثانيها أناسه ومؤسساته كخصوصية مناطقيّة اللغة والحس بالمعنى الإنساني، وثالثها دقّة وطبيعة الأدوات المستخدمة في التعبير اللفظي واللوني عن محتوى وأجناس الإبداع المختلفة.»
إذاً، أين نحن من هذه الواحة الغنّاء ومصادرها..لماذا لا نفرّق بين الأدب النوعي من الأدب النسوي؟، ولماذا خلف امرأة مبدعة إشارات استفهام؟ لتشويه صورتها الحقيقية، وكأنها خلقت لتكون تابعاً، لا كياناً لها خارج حدود الذكوريّة، لتبقى التفاحة الملعونة التي أسقطت آدم من الجنّة..ونسينا التفاحة التي كانت مصدراً لنظريّة الجاذبية؟ لدرجة أن بعض مثقفينا عند قراءته عنوان مخطوط لأنثى يضعه جانباً.. هذا السؤال الذي استعصي الإجابة عنه يجدّد نفسه كل زمان ومكان وما كان للعالم الرقميّ إلا جعل المسوّقين له أكثر انتشاراً من خلال نظرتهم إلى المبدعة على أنها أنثى لن تنطق بالحكمة مهما حاولنا فك قيدها من الصّورة الذهنيّة لمجتمع جلّ همّه أن يصحح اعوجاج هذا الضلع! وإن كانت تدعوه بفكرها النيّر لفعل اقرأ!.
العدد 1194 – 25 -6-2024