الثورة – ديب علي حسن:
متى كانت أول جائزة تمنح لشاعر أو مبدع من أي لون من ألوان الفنون، لا أعرف بالضبط، ولكن تاريخ الإبداع يقول إن الشعراء كانوا أول من نال مثل هذه الجوائز على شكل هبات أو عطايا.
وفي تاريخ الأدب العربي الكثير من القصص التي تروى عن هدايا وعطايا تلقاها الشعراء، حتى ذهب بعض الدارسين إلى الحديث عن ظاهرة التكسب في الشعر، ومع مرور الأيام غدت الأعطيات والهدايا جوائز علنية بغض النظر عن بقاء كواليس العطاء قائمة.
الجوائز العلنية في العالم أشهرها جائزة نوبل في الآداب التي تعني جواز مرور إلى اللغات العالمية الأخرى والمزيد من الشهرة والدرس والنقد وإثارة الزوابع، إضافة إلى ما تقدمه من رصيد مالي من الجائزة نفسها أو من خلال تسويق منتج المبدع الذي نالها.
في الحديث عن أحقية هذا المبدع أو ذاك في نيل الجائزة الكثير مما يقال نوبل الآداب، لم ينلها عربي إلا نجيب محفوظ وقد آثار فوزه بها زوبعة لا تزال قائمة حتى الآن… الكثيرون يقولون أو يرون أن وراء هذا الفوز موقفاً سياسياً كان مؤيداً لزيارة السادات للأرض المحتلة.. وآخرون يرون غير ذلك.
فوز محفوظ أثار حفيظة يوسف إدريس المبدع في القصة الذي كان يرى أنه الأحق بها.. بعد محفوظ كبر حلم المبدعين العرب بالجائزة رحل محمود درويش وهو يحلم بها… وأدونيس الدائم على قائمة المرشحين لها… وغيرهم.
والعودة إلى أدونيس الشاعر والمفكر الذي نال جائزة إسبانية منذ أيام، أثار هذا الفوز زوابع يبدو أنها لم ولن تهدأ إلا بعد زمن طويل وأدونيس قبل الفوز بها شاعر وناقد إشكالي منذ كتابه الثابت والمتحول ومقدمة للشعر العربي وحتى في آرائه التي يطلقها في المواقف السياسية والفكرية.
ثمة فريق راح ينبش في كل سكنات وحركات أدونيس مذ كان طفلا لا يتركون موبقة إلا ويلصقونها به… من اتخاذه لقب أدونيس إلى مواقف سياسية أخرى.
الدوافع كثيرة ومتعددة ومع أن الشاعر يعد نفسه إنسانا عالميا لا تحده بقعة جغرافية أو مذهبية لكن ثمة من يصر على حشره في خانة ضيقة تدل على عفن من يفعل ذلك.
اتفقنا أم اختلفنا مع أدونيس أم محمود درويش أم نزار قباني أم غيرهم فهم قامات إبداعية حقيقية لها ما لها وعليها ما عليها، لا ننتخب قديسا ولا نطوب وليا إنما نحن في دائرة الإبداع.
قد يكون لدى هؤلاء وأولهم أدونيس نرجسية تصل عنان السماء هذا يظهر في تعامله مع بعض من يتواصل معه ولاسيما إذا كان من داخل وطنه سورية وهو الذي حصل على الجنسية اللبنانية منذ زمن..
نزار قباني ينسب إليه انه قال: إن أفضل ما كتب عنه (النرجسية في شعر نزار قباني) لخريستو نجم.
بكل الأحوال لا أظن أن أدونيس يشعر بالحزن لهذا الغبار الذي يثار حول الجائزة فهو الذي يريد المزيد من خلخلة الثوابت والمزيد من الحرائق في كل الاتجاهات ولكن الحق يقال: إنه علامة إبداعية فارقة في هذا الزمن علامة في الثقافة والنقد والشعر، ومهما تغرب فجذوره سورية.. أدونيس وثماره عربية وامتداده عالمي… مبارك لأدونيس…. أما الجوائز فلدي يقين أنه ما من جائزة مهما كانت إلا وفيها شيء من الهوى والمحاباة ولكن تبقى جوائز يجب أن تستمر.