الثورة – رفاه الدروبي:
وقَّعت الكاتبة رنا العسلي روايتها الثانية عشرة، الصادرة عن دار دلمون الجديدة للطباعة والنشر والتوزيع تحمل بين دفتيها ١٢٩ صفحة من القطع المتوسط وكتبت على الغلاف الثاني ملمات تنبض بالأمل وشفافية المعنى فتقول: “قد يغلق القلب فبل الأبواب، وتموت التفاصيل، وننسى للحظة من نحن، من كنا، من سنكون! ” وقدَّم لها الأديبان رياض طبرة ورندا عازر وأدار الجلسة خليفة العموري في ثقافي أبي رمانة.
الكاتبة رنا العسلي بيَّنت أنَّ عدد مؤلفاتها بلغ ١٢ إصدارا، تراوحت بين الروايات، والنثر وآخرها “مغلق” وتتميز عن سابقاتها بأنَّها أسقطت حدثاً واقعياً، ونقلت أحداثا صعبة لرواية اجتماعية بأسلوب وهدف وقصة جدد، تناولت واقعا عشناه ووصلنا له، وتحاول في أغلب كتاباتها تقديم الجديد لم تطرحه رواياتها السابقة، كونه أصبح لكلَّ كاتب طريقته الخاصة به، مشيرة إلى أنَّها اهتمت بالشكل لعدم البقاء ضمن قالب واحد، ودخلت بعوامل نفسية صعبة يمرُّ بها كلِّ إنسان، وإسقاطاتها على الواقع سلباً أو إيجاباً، ودخلت الكاتبة بعوامل النفسي أكثر من الجانب الاجتماعي حيث تدخل في أعمالها إلى الفانتازيا بدون مبالغة فيها، المتوقعة أو المتخيلة.
ودمجت -حسب رأيها- الجانب الاجتماعي أو المتخيل أو تحلم به بالبعيد عن العادات والتقاليد وليس بالضرورة دوماً أن تكون الرواية نقلاً عنها بل يمكن الخلط بين المتخيل أو الحلم له ودمج الجانبين معاً فيمكن الخروج بنتيجة تصل الرسالة إلى المتلقي، ويكون شيئا مميزا بالرواية، منوِّهةً إلى أنَّها تتناول الكبت النفسي الممارس من قبل الأهل على أطفالهم من باب الجهل أو العادات، وتطور الشخصية المكبوتة في كلِّ الوقت بمسارها إلى جانب الحرب الدائرة رحاها في البلد، وتثبت بأنَّ الشخص غير المتوازن نفسياً يمرُّ بمراحل طفولته مضطربة تبدو آثارها على أفعاله فيما بعد.
بدورها الأديبة رندا العازر تناولت في قراءتها للرواية العسلي، أنَّ ما جاءت به في مقدمة روايتها وضعته بعالم واحد في قولها “حاول أن تقف على الطرف الآخر من الصورة وانظر بعين جديدة، ربما حين وقوع تلتقط الحقيقة” منطلقة بأنَّ عنوان الرواية يحمل معاني كثيرة وتجعل تأويلات أكثر تأخذ بالمخيلة إلى مداها الأبعد، حيث استفادت منها للانطلاق من رحلتها مع “سالم ووردة”، وجعلتهم أداة تعبير لعودة الروح إلى الجسد البائس، والحبُّ إلى الحبيب والخوض في معترك الحياة إلى النهاية متعة، وما تلاها من صفحة بكلمة “ارفع” لكنها الأخرى مفتاح باب الحبِّ للولوج إلى قلبي الشابين، بينما تسلسلت الكاتبة بمجريات الرواية بطريقة مشوقة، زرعت غراس أحداثها بين المفردات، وتتعلق بتباين محطات أجزائها، وإخراج أفرزت الشخصيات وصولاً لنهاية تكللت بزواج الشابين وولادة طفل لهما.
وأخذت الكاتبة بأيدينا لنعبر معها متاهات منطقة رسمتها الحرب في دهاليز لغز ظلمتها، ووجع، وأنين ولانجد لأنينها سوى الرضوخ لمن أهدوا أنفسهن، كما تطرقت إلى مفرداتها لما تركته من مآس، وشروخ في البشر كما العجز استوقفتها جملة صاغتها في قوالب من طبيعتها، فجاءت سهلة المعنى، قوية التراكيب، والسياق والمعاني المؤثرة.
من جهته الأديب رياض طبرة رأى بأنَّه أمام رواية متقدمة في بنائها الفني وتوجيهه نحو التكامل، واعتمادها على التقاط المفارقات في الحياة الاجتماعية، ووصلت إلى ما أرادته الكاتبة ربا العسلي كي يصل إلى القارئ فتمكنت من رسم شخصياتها بعد إلزامنا بدخول مملكة السؤال حين اختارت عنواناً إشكالياً بجدارة يحمل الفنية والتقنية في كلمة واحدة “مغلق” ليصبح السؤال من وما يكون؟ أي للعاقل وغير العاقل نجد في النهاية أنَّ الكاتبة على دراية بالواقع، وبما تريد، فجعلت الخاتمة انتصاراً تقليدياً على الخير والشر والفرح والحزن، وتنتصر الشخصية في تحقيق ما تريد “سالم ووردة” والوعد الوفي.