على جمر تداعيات العدوان على غزة يزحف نتنياهو صوب صندوق انتخابات الكيان القادمة، مثخناً بالاتهامات اللاذعة لتوريط الكيان في مقتلة جنوده ونسف سرديته المضللة عالمياً، فمصيره السياسي معلق على حافة إطالة أمد الحرب العبثية تخوفاً من إقصائه خارج حلبة تناحر الأحزاب الصهيونية بعد تعثراته بالجملة على مطبات الميدان.
وفي سباقه المحموم لتلافي نهايات موجعة يسعى لدحرجة كرة النار العدوانية إقليمياً،عله يلملم تشظيات عنجهية جيش إرهابي متوحش دمر وقتل وتجبر لكنه لم يحصد إلا الخيبات ولم يجنِ سوى وصمات عار إجرامي.
فبين الإيهام بقبول خطة بايدن لوقف العدوان والتفاوض مع المقاومة لاستعادة أسرى الكيان، وبين الحديث عن انتهاء مرحلتي الحرب التي لم يحقق فيهما نتنياهو أهدافه المعلنة، ولم يغير قواعد الاشتباك، يلوح نتنياهو بالانتقال للمرحلة الثالثة للخروج من أوحال غزة التي يتمرغ فيها جنوده ويسنزفون قتالياً ونفسياً، وهذا الأمر حذر منه ما يسمى رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية الأسبق تامير هيمان بأن “استمرار الحرب ينهك الجيش وينال من قدراته ويقوده إلى منزلق خطير وحرب استنزاف طويلة الأمد إذا ما تورط في حرب جديدة على الجبهة اللبنانية”.
يغمز نتنياهو من قناة إطالة الحرب على غزة مطارداً دخان انتخابي وسط الحرائق السياسية والميدانية، فخسائره كبيرة، وسقف رهاناته على إحراز إنجاز عسكري يقضي به على المقاومة انهار فوق رأس أوهامه والمرحلة الحالية بكل تشعباتها وارتداداتها على فرصه السياسية ضاغطة، ولاسبيل لديه وهو المفلس من أي إنجاز سوى المخاتلة وذر رماد الوعود في عيون الداخل الصهيوني وعائلات الأسرى ريثما يصل ترامب للبيت الأبيض ليمنحه أشواطاً إضافية، ومزيداً من الوقت لتأجيل الانتخابات داخل كيان مهزوز يتداعى يريد نتنياهو إسناده بحصى أميركية.
تسعة شهور من العدوان الوحشي على غزة والمقاومة على اتساع رقعة محور نصرتها تبلي بلاء نوعياً أسطورياً زاد من تمريغ رأس الأفعى الصهيونية في مستنقع الهزيمة، فلم تُستنزف الإرادات، ولم تفتر الهمم، ولم تجف ينابيع الاستبسال، بل استُنزف العدو عسكرياً ومعنوياً في غزة وشمال فلسطين المحتلة، والأهم ظهور الكيان على حقيقته الدموية على مرأى الوجدان العالمي.
السابق
التالي