الملحق الثقافي-غسان شمة:
يحتاز الواقع، في الأدب الإنساني، موقعاً أثيراً لا يمكن الاختلاف على أهميته ودوره في كثير من الكتابات التي بنت على مفرداته أعمالاً تمتعت بخلود في ذاكرة الأدب والإبداع.. وإذا ما سمحنا لأنفسنا بمقاربة فيها شيء من «شطط» في طريقة النظر إلى هذا الواقع، بمعطياته الجديدة، وبالقياس إلى بعض الأعمال الجديدة ونقصد على الصعيد المحلي، لنسأل هل بات الواقع الجديد يتمتع بمخيلة تتسم بخصوصية ووقائع حياتية قد تفوق مخيلة الأدب أحياناً..؟!
وبالتالي هل يمكن «لمخيلة» الواقع الجديد أن تكون أكثر اتساعاً «وغنى» من مخيلة بعض من الأدباء والكتاب، وهي تفرد أشرعتها وتبحر في مدى بحر الواقع بغرائبيته المحمولة على أمواج عاتية تلاطم شطآناً صخرية قد تتطاول مشرئبة إلى عنان الأفق المفتوح على احتمالات قد تفوق الخيال نفسه كما يبدو اليوم، أم أن الاقتراب من «جنون» مثل ذلك الواقع محفوف بالكثير من التردد؟
ربما ينطوي، ما سبق من كلام، على مبالغة، لكني أحاول القبض، على ما لا يمكن القبض عليه، في هذا السياق الذي يسعى لمقاربة بعض مما يكتب اليوم، في ساحتنا الأدبية تحديداً، مما نطلق عليه أدب الواقع.. ومن المعروف أن الأدب الواقعي لا يعني مغادرة الخيال، بقدر ما يعني تلك التوليفة الإبداعية التي تزيد من غنى كل منهما.
ومن اللافت أن بعض الكتابات، القصصية أو الروائية اليوم، التي تتكئ على الواقع تكاد لا ترتقي لما يموج في ثنايا هذا الواقع من «مخيلة» في تجليها الحدثي بحيث لا يبدو الواقع الروائي أقرب لحالة تصويرية قد لا ترتقي إلى قوة، أو قسوة، الواقع نفسه. ولا نسوق ذلك في طريق التقليل من الإبداع الأدبي بقدر ما نريد الإشارة إلى واقع بات مفاجئاً بتفاصيله وغرابته التي قد تفتقد مخيلة الكتاب إليها لما قد تنطوي عليه من غرابة تجعل الواقع أقرب للخيال فيفقد مثل هذا الأدب شيئاً من جاذبيته..والأمر لا يؤخذ على مستوى إطلاق أحكام بل مقاربة بسيطة لجانب محدد ومحدود..!.
العدد 1199 – 30 -7-2024