الثورة _ عبير محمد:
الذكريات تمنحنا القوة لنواجه الحاضر بكل تحدياته، فهي تذكرنا بأننا عشنا وأحببنا وضحكنا، وأن كل تلك اللحظات أسهمت في تشكيلنا.
هي البوصلة التي ترشدنا والمرآة التي تعكس صورتنا الحقيقية، وذاك الشريط الذي يعيد تشغيل أحداث حياتنا، بكل ما فيها من فرح وحزن، تخزن الذاكرة الذكريات الإيجابية التي تمد الروح بالحب والطاقة الإيجابية التي تغني روحه بالفرح وتعدّ مفتاح السر لأي شخصية وتمده بالقوة لمواجهة اللحظات السيئة التي تقف عائقاً أمام تطوره الإنساني، فتزيد من احترام الذات، إذ غالباً ما يرتبط تذكر الأوقات السعيدة والبهجة الشديدة بفترات النجاح لدى العديد من الأشخاص.
وعلى سبيل المثال لا الحصر، ربما كنت الطالب المتفوق لهذا العام أو الفائز في السباق المدرسي، إذ تلهمك هذه الأنواع من الذكريات المبهجة لبذل قصارى جهدك في الوقت الحاضر وتجعلك سعيداً، وأيضاً الرضا عن العلاقة إذ يمكن تقوية الروابط العاطفية والاجتماعية بين الأشخاص من خلال الذكريات السعيدة المرتبطة بالأحباء، لعل إحياء كل التفاعلات الرائعة يمكن أن يعزز الشعور بالانتماء للمجتمع بين الناس.
وكثيراً ما ينصح المختصون المرضى النفسيين باستعادة الذكريات المبهجة عن قصد لأن ذلك يمكن أن يساعد في تفكيك أنماط التفكير السلبي، وتقليل القلق، وحتى خفض مستويات الكورتيزول، معللين ذلك بأنها تشجع على تكوين صورة ذاتية أكثر إيجابية.
كيف تحفز الذكريات الإيجابية؟
هناك عدة طرق يمكن للفرد أن يحفز نفسه لاسترجاع الذكريات الإيجابية، والتي تعزز شعوره بالسعادة والرضا، ومنها:
توجيه الانتباه: بمعنى عندما يلاحظ الفرد أنه يبدأ في التفكير في ذكريات سلبية أو مؤلمة، يمكنه توجيه انتباهه نحو الذكريات الإيجابية بوضعها في الاعتبار بشكل نشط.
استخدام تقنيات التفكير الإيجابي، التي تمكن الفرد من تغيير النظرة إلى الأمور، والبحث عن الجوانب الإيجابية في الوضع، والتركيز على النماذج البناءة للسلوك، لتشجيع نمط الذكريات الإيجابية.
إلى جانب تطوير ممارسات الفرد والاعتناء بالذات مثل: التأمل واليوغا والتدريب الذهني، لتعزيز الوعي بالذات وتحسين القدرة على استرجاع الذكريات الإيجابية.
ويمكن للفرد أيضاً أن يستفيد من التجارب السابقة والذكريات الإيجابية التي عاشها في الماضي، واستخدامها كمصدر للقوة والتشجيع عندما يواجه تحديات في الحاضر.
البحث عن الهدف: يمكن للفرد أن يحفز نفسه لاسترجاع الذكريات الإيجابية من خلال تحديد أهداف وأحلام في الحياة، واستخدام الذكريات الإيجابية كمصدر للتحفيز والإلهام لتحقيق تلك الأهداف.
استرجاع المواقف الجميلة
وفي هذا السياق تقول إحدى مدربات مهارات الحياة: «قرأت يوماً عن استراتيجية رائعة جداً، أحب أن تعتمد من قبل كل المعارف والأصدقاء والقراء، وهي عبارة عن تمرين ما قبل النوم يعتمد على استذكار الأحداث الجميلة التي مرت باليوم لمدة 5 إلى 10 دقائق بطريقة حيوية».
نحن لا نستطيع تغيير الماضي، ولكن لا بد أن نتعلم منه، ثم نغلق الملف، بينما الذكريات الجميلة فإن عبيرها يفوح ويغمرك بالسعادة، وهذا يجعلك أكثر إنتاجية وأقدر على تحمل التحديات، ومواجهة المشكلات.